كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 11)

فأقول وبالله التوفيق: أما الأمة ففيها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين توفى فيهم، وهم على التوحيد الذي دعاهم إليه، وجاهدوا عليه، فجاهدوا أهل الردة، الذين ارتدوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم من قبائل العرب، حتى دخلوا من الباب الذي خرجوا منه، فاجتمعوا كلهم على الإسلام، وجاهدوا فارس والروم، ففتح الله عليهم الشام ومصر، والعراق.
وما زالوا كذلك في زمن الخلفاء الراشدين، وولاية بني أمية، وصدرا من بني العباس؛ وكل من ظهرت بدعته إذ ذاك، قمع وحمل على السيف، وفيهم الأئمة الأعلام، الذين أخذ عنهم العلم، كعلماء التفسير، والحديث، والفقه، من غير تكلف ولا تعسف. فما زال الحال كذلك في زمن الأئمة الأربعة، وأمثالهم من المحدثين والفقهاء.
وقد ثبت في الصحاح والمسانيد والسنن، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم. ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف، يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون. فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن؛ وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل " 1 فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الأمة لا بد أن يقع فيها ما يوجب الجهاد، بحسب قدرة المؤمن.
__________
1 مسلم: الإيمان (50) , وأحمد (1/458 ,1/461) .

الصفحة 555