كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 11)

وبعد ذلك تفرقت الأمة على بني العباس، فظهر بنو بويه في المشرق، وغلوا في أهل البيت وبنوا المساجد على القبور، وعبدوها من دون الله، وظهرت دولة القرامطة، وأنكروا الشرائع، وزعموا أن لها باطنا غير ظاهرها.
ولما استولى بنو عبيد القداح على مصر، فعلوا مثل ما فعل بنو بويه، من الغلو، لزعمهم أنهم من ولد فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبعثوا ركبا إلى عسقلان، في زعمهم أن رأس الحسين بن علي بن أبي طالب مدفونا هناك، وقد كذبوا في ذلك، فدفنوا في القاهرة ما جاؤوا به، وبنوا عليه مسجدا يعظم، وصاروا يعبدون هذا الوثن ويعظمونه.
وحدث في وقتهم أوثان كثيرة، بنيت عليها المساجد؛ وفي أيامهم ظهرت الإسماعيلية، والنصيرية، والفلاسفة، وأهل الوحدة، والمتكلمون، كل أعلن بمذهبه وطريقته، ودعا إليها، كالمعتزلة، والأشاعرة؛ ومذاهبهم مذكورة في كتب أهل العلم.
والسنة موجودة في أهلها، لكنهم يقلون تارة ويكثرون أخرى، كلما تقادم عهد النبوة اشتدت الكربة، وعظمت الغربة، وعاد المعروف منكرا، والمنكر معروفا، نشأ على هذا الصغير، وهرم عليه الكبير؛ وفي ذلك يقول الشاطبي:

الصفحة 557