كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 11)

جرى على الإمام أحمد، وحبس بمصر والشام، ومات بالحبس; وعزر ابن القيم رحمه الله، وما ذاك إلا لظهور البدع، وغربة الحق، كما قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى:
وأي اغتراب فوق غربتنا التي ... لها أضحت الأعداء فينا تحكم
وهذا ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: " بدأ الإسلام غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ " 1. ثم بعد طبقة الشيخ وأصحابه، ومن وافقه على ما قام به، عادت الغربة أعظم مما كان، حتى إن بعض المصنفين من متأخري الحنابلة، ظنوا أن عقيدة الأشاعرة عقيدة الإمام أحمد، ونسبوها إليه.
وأما الشرك بعبادة القبور والطواغيت، والجن والأشجار والأحجار، فعم وطم، حتى لا ينكره منكر، ممن له عقل يميز به الصدق من الكذب، وصار العلماء فيه ما بين مستحسن، أو مجيز لفعله، حتى أظهر الله شيخنا محمد بن عبد الوهاب، رحمه الله تعالى.
فقام بهذا الدين الذي بعث الله به الرسل، وأنزل به الكتب، فبين للناس من التوحيد ما جهلوه، وأنكر من الشرك ما ألفوه، فلم يوجد عند من اتبعه شرك ولا بدعة، ولا منكر، فطهر الله به نجدا من كل خبيث، من الشرك والمنكرات، فلم يوجد فيها شرك، حتى عم ذلك نجدا
__________
1 مسلم: الإيمان (145) , وابن ماجه: الفتن (3986) , وأحمد (2/389) .

الصفحة 561