كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 11)

وقد كره العلماء، كمالك وغيره: أن يقوم الرجل عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم يدعو لنفسه، وذكروا أن هذا من البدع التي لم يفعلها السلف.
وأما ما يروى عن بعضهم، أنه قال: قبر معروف الترياق المجرب; وقول بعضهم: فلان يدعى عند قبره، وقول بعض الشيوخ: إذا كانت لك حاجة إلى الله تعالى، فاستغث بي، أو قال: استغث عند قبري، ونحو ذلك، فإن هذا قد وقع في كثير من المتأخرين وأتباعهم. وكثير من هؤلاء إذا استغاث بالشيخ رأى صورته، وربما قضى بعض حاجته، فيظن أنه الشيخ نفسه، أو أنه ملك تصور على صورته، وأن هذا من كرامته؛ ولا يعلم أن هذا من جنس ما تفعله الشياطين بعباد الأوثان، بحيث تتراءى أحيانا لمن يعبدها، وتخاطبهم ببعض الأمور الغائبات، وتقضي لهم بعض الطلبات; ولكن هذه الأمور كلها بدع محدثة في الإسلام، بعد القرون الثلاثة المفضلة.
وكذلك المساجد المبنية على القبور، التي تسمى "المشاهد" محدثة في الإسلام، والسفر إليها محدث في الإسلام، لم يكن شيء من ذلك في القرون المفضلة; بل ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " 1، يحذر ما فعلوا، الحديث; وفي الصحيح عنه أنه قال، قبل أن يموت
__________
1 البخاري: الجنائز (1330) , ومسلم: المساجد ومواضع الصلاة (531) , والنسائي: المساجد (703) , وأحمد (1/218 ,6/34 ,6/80 ,6/121 ,6/252 ,6/255 ,6/274) , والدارمي: الصلاة (1403) .

الصفحة 564