كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 11)

" إن أحدكم يسألني المسألة فيخرج يتأبطها نارا " 1، وقال صلى الله عليه وسلم: " لا تتخذوا قبري عيدا "، وقال: " اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " 2.
وقد قال غير واحد من السلف، قوله تعالى: {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً} [سورة نوح آية: 23] قال: كانوا قوما صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم: أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابا، وسموها بأسمائهم، ففعلوا ولم تعبد؛ حتى إذا هلك أولئك ونسي العلم عبدت، انتهى.
[قول ابن القيم في تدرج الشيطان بأصحاب القبور]
وقال العلامة ابن القيم، رحمه الله تعالى: وما زال الشيطان يوحي إلى عباد القبور، ويلقي إليهم أن البناء والعكوف عليها من محبة أصحابها، من الأنبياء والصالحين، وأن الدعاء عندها مستجاب; ثم ينقلهم من هذه المرتبة إلى الدعاء به، والإقسام على الله به، فإن شأن الله أعظم من أن يقسم عليه، أو يسأل بأحد من خلقه.
فإذا تقرر ذلك عندهم، نقلهم منه إلى دعائه وعبادته، وسؤاله الشفاعة من دون الله، واتخاذ قبره، وثنا، تعلق عليه الستور والقناديل، ويطاف به، ويستلم ويقبل، ويحج إليه، ويذبح عنده; فإذا تقرر ذلك
__________
1 أحمد (3/4) .
2 أحمد (2/246) .

الصفحة 566