كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 11)
عن ذلك وتحرمه، وتوجب هدمه; ولا يقول: إن العلماء لم ينكروه إلا من قصر في العلم باعه، وقل نظره واطلاعه; هذا مع أنا نقول كما قال صلى الله عليه وسلم: " خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة " 1.
فلو قدر: أن المتأخرين فعلوا ذلك، وحضروه وأقروه، ولم ينكروه، لم يكن قولهم حجة {فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ} وكل يؤخذ من قوله ويترك، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فما وافق هديه فهو مقبول، وما خالفه فهو مردود، كما ثبت في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " 2، وكل قول يخالف سنته، فهو مردود على قائله.
وما أحسن ما قال الشافعي، رحمه الله: إذا صح الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاضربوا بقولي الحائط; وقال أيضا: أجمع الناس أن من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن له أن يدعها لقول أحد; وصح عنه، أنه قال: إذا رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا، ولم آخذ به، فاعلموا أن عقلي قد ذهب. وصح عنه أنه قال: لا قول لأحد مع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا وإن كان لسان الشافعي، فهو لسان الجماعة كلهم.
وأبلغ من هذا كله، قول الله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}
__________
1 مسلم: الجمعة (867) , والنسائي: صلاة العيدين (1578) , وابن ماجه: المقدمة (45) , وأحمد (3/310 ,3/319 ,3/371) .
2 البخاري: الصلح (2697) , ومسلم: الأقضية (1718) , وأبو داود: السنة (4606) , وابن ماجه: المقدمة (14) , وأحمد (6/73 ,6/146 ,6/180 ,6/240 ,6/256 ,6/270) .