كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 11)

الشياطين، من الرعايا والسلاطين، الذين بنوا القباب على القبور، وارتكبوا كل محظور؛ فزخرفوا القبور بالبناء، وكسوها كما يكسى البيت الحرام، وفعلوا عندها ما يفعله عباد الأصنام؛ حتى آل الأمر إلى أن صار فعلهم هذا حجة، تعارض بها النصوص.
فيقول قائلهم: هذا موجود في كل عصر ومصر من غير نكير، فيكون إجماعا؛ هذا مع علمه بما نص عليه الفقهاء من النهي عن ذلك وتحريمه، خصوصا البناء في المقابر المسبلة، فإنهم اتفقوا على تحريم البناء فيها.
ثم لا يخفى ما في الحرمين الشريفين، من القباب المبنية في المعلاة، والبقيع، ومقابر مصر، كالقرافة وغيرها، ومقابر الشام وغيرها، فهلا أنكر المتأخرون ما نهى عنه علماؤهم، وحرموه؟ بل أعرضوا عن ذلك، كأنهم لم يسمعوه.
بل أعرضوا عن كتاب ربهم، وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم وغلبت عليهم العادة التي نشؤوا عليها، ووجدوا أهلهم عليها، واحتجوا بالحجة القرشية {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ} [سورة الزخرف آية: 22] ، والحجة الفرعونية {فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى} [سورة طه آية: 51] ، وقبلهم إبراهيم، لما قال لهم عليه السلام: {هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} [سورة الشعراء آية: 72-73-74] .

الصفحة 97