كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 11)

فَهُوَ غَيْرُ ذَاكِرٍ لِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا حَالِفٌ، لِأَنَّ الْبَلَّةَ هِيَ الرُّطُوبَةُ، فَلَوْ نَوَى بِذَلِكَ الْيَمِينَ، فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَالْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ: وَهُوَ يَمِينٌ وَيُحْمَلُ حَذْفُ الْأَلِفِ عَلَى اللَّحْنِ، لِأَنَّ الْكَلِمَةَ تَجْرِي كَذَلِكَ عَلَى أَلْسِنَةِ الْعَوَامِّ أَوِ الْخَوَاصِّ.
قُلْتُ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ يَمِينًا، لِأَنَّ الْيَمِينَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ صِفَتِهِ، وَلَا يُسَلَّمُ أَنَّ هَذَا لَحْنٌ، لِأَنَّ اللَّحْنَ مُخَالَفَةُ صَوَابِ الْإِعْرَابِ، بَلْ هَذِهِ كَلِمَةٌ أُخْرَى - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

الثَّامِنَةُ: فِي ضَبْطِ مَا يُحْلَفُ بِهِ، وَفِيهِ طَرِيقَانِ، إِحْدَاهُمَا وَهِيَ أَقْصَرُهُمَا: أَنَّ الْيَمِينَ يَنْعَقِدُ إِذَا حَلَفَ بِمَا مَفْهُومُهُ ذَاتُ الْبَارِي سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، أَوْ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ، وَالثَّانِيَةُ وَهِيَ أَقْرَبُ إِلَى سِيَاقِ «الْمُخْتَصَرِ» : أَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ إِلَّا إِذَا حَلِفَ بِاللَّهِ، أَوْ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ، أَوْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ، وَأَرَادَ بِالْقِسْمِ الْأَوَّلِ أَنْ يَذْكُرَ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ ذَاتُ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يُحْتَمَلُ غَيْرُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْتِيَ بَاسِمٍ مُفْرَدٍ، أَوْ مُضَافٍ مِنْ أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى، وَذَلِكَ كَقَوْلِهِ: وَالَّذِي أَعْبُدُهُ، أَوْ أَسْجُدُ لَهُ، أَوْ أُصَلِّي لَهُ، وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ، أَوْ نَفْسِي بِيَدِهِ، أَوْ مُقَلِّبِ الْقُلُوبِ فَتَنْعَقِدُ يَمِينُهُ، سَوَاءً أَطْلَقَ أَوْ نَوَى اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَوْ غَيْرَهُ، وَإِذَا قَالَ قَصَدْتُ غَيْرَهُ، لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا قَطْعًا، وَكَذَا لَا يُقْبَلُ أَيْضًا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَعْرُوفِ فِي الْمَذْهَبِ، وَحُكِيَ فِيهِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ. وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي وَهُوَ الْحَلِفُ بِالْأَسْمَاءِ، فَالْأَسْمَاءُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: أَحَدُهَا: مَا يُخْتَصُّ بِاللَّهِ تَعَالَى وَلَا يُطْلَقُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، كَاللَّهِ وَالْإِلَهِ، وَالرَّحْمَنِ وَرَبِّ الْعَالَمِينَ، وَمَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، وَخَالِقِ الْخَلْقِ، وَالْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، وَالْأَوَّلِ الَّذِي

الصفحة 10