كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 11)

حَلَالُ الدَّمِ، أَوْ عَلَيْهِ الْقَتْلُ، بَلْ يَقُولُ: إِنْ ثَبَتَ هَذَا بِإِقْرَارِهِ، أَوْ بِبَيِّنَةٍ، اسْتَتَابَهُ السُّلْطَانُ، فَإِنْ تَابَ، قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ، وَإِلَّا فَعَلَ كَذَا وَكَذَا وَأَشْبَعَ الْقَوْلَ فِيهِ، وَإِنْ سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ يَحْتَمِلُ وُجُوهًا يُكَفَّرُ بِبَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ قَالَ: يُسْأَلُ الْقَائِلُ، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ كَذَا، فَالْجَوَابُ كَذَا، وَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ كَذَا، فَالْجَوَابُ كَذَا.
وَإِذَا سُئِلَ عَمَّنْ قَتَلَ أَوْ قَلَعَ سِنًّا أَوْ عَيْنًا، احْتَاطَ فِي الْجَوَابِ، فَيَذْكُرُ الشُّرُوطَ الَّتِي يَجِبُ بِاجْتِمَاعِهَا الْقِصَاصُ، وَإِذَا سُئِلَ عَمَّنْ فَعَلَ مَا يَقْتَضِي تَعْزِيرَهُ، ذَكَرَ مَا يُعَزَّرُ بِهِ، فَيَقُولُ: ضَرَبَهُ السُّلْطَانُ مَا بَيْنَ كَذَا وَكَذَا، وَلَا يُزَادُ عَلَى كَذَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْصِقَ الْجَوَابَ بِآخِرِ الِاسْتِفْتَاءِ، وَلَا يَدَعَ بَيْنَهُمَا فُرْجَةً مَخَافَةَ أَنْ يَزِيدَ السَّائِلُ شَيْئًا يُفْسِدُ الْجَوَابَ.
وَإِذَا كَانَ مَوْضِعُ الْجَوَابِ وَرَقَةً مُلْصَقَةً، كَتَبَ عَلَى مَوْضِعِ الْإِلْصَاقِ، وَإِذَا ضَاقَ آخِرُ الْوَرَقَةِ عَنِ الْجَوَابِ، لَمْ يَكْتُبْهُ فِي وَرَقَةٍ أُخْرَى، بَلْ فِي ظَهْرِ هَذِهِ أَوْ حَاشِيَتِهَا. وَأَيُّهُمَا أَوْلَى؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، ثَالِثُهَا: هُمَا سَوَاءٌ، وَالرَّاجِحُ أَنَّ حَاشِيَتَهَا أَوْلَى، وَبِهِ قَطَعَ الصَّيْمَرِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلْيَحْذَرْ أَنْ يَمِيلَ فِي فَتْوَاهُ مَعَ الْمُسْتَفْتِي أَوْ خَصْمِهِ، وَوُجُوهُ الْمَيْلِ مَعْرُوفَةٌ.
وَمِنْهَا أَنْ يَكْتُبَ مَا لَهُ دُونَ مَا عَلَيْهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْلِمَ أَحَدَهُمَا مَا يَدْفَعُ بِهِ حُجَّةَ صَاحِبِهِ، وَإِذَا ظَهَرَ لَهُ أَنَّ الْجَوَابَ خِلَافُ غَرَضِ الْمُسْتَفْتِي، وَأَنَّهُ لَا يَرْضَى بِكِتَابَتِهِ فِي وَرَقَتِهِ، اقْتَصَرَ عَلَى مُشَافَهَتِهِ بِالْجَوَابِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَ اجْتِمَاعِ الرِّقَاعِ أَنْ يُقَدِّمَ الْأَسْبَقَ فَالْأَسْبَقَ، كَالْقَاضِي وَهَذَا فِيمَا يَجِبُ فِيهِ الْإِفْتَاءُ، فَإِنْ تَسَاوَوْا وَجَهِلَ السَّابِقَ، أَقْرَعَ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ تَقْدِيمُ الْمَرْأَةِ، وَالْمُسَافِرِ الَّذِي شَدَّ رَحْلَهُ وَيَتَضَرَّرُ بِتَخَلُّفِهِ عَنْ رُفْقَتِهِ إِلَّا إِذَا كَثُرَ الْمُسَافِرُونَ وَالنِّسَاءُ بِحَيْثُ يَتَضَرَّرُ غَيْرُهُمْ تَضَرُّرًا ظَاهِرًا، فَيُقَدِّمُ حِينَئِذٍ بِالسَّبْقِ، ثُمَّ الْقَرْعَةِ، ثُمَّ لَا

الصفحة 115