كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 11)
كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وَالْحَيْضُ هُنَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ، لِإِمْكَانِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ بِخِلَافِ الشَّهْرَيْنِ، وَقِيلَ: لَا يَقْطَعُهُ كَالشَّهْرَيْنِ، وَقِيلَ قَوْلَانِ: كَالْمَرَضِ، وَالْمَذْهَبِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ كَانَتْ لَمْ تَحِضْ قَطُّ، فَشَرَعَتْ فِي الصَّوْمِ، فَابْتَدَأَهَا الْحَيْضُ، فَهُوَ كَالْمَرَضِ.
فَرْعٌ
يَجِبُ فِي الْكُسْوَةِ التَّمْلِيكُ، وَالْوَاجِبُ ثَوْبٌ، قَمِيصٌ، أَوْ سَرَاوِيلُ، أَوْ عِمَامَةٌ، أَوْ جُبَّةٌ، أَوْ قَبَاءُ، أَوْ مُقَنَّعَةٌ، أَوْ إِزَارٌ، أَوْ رِدَاءٌ، أَوْ طَيْلَسَانُ، لِأَنَّ الِاسْمَ يَقَعُ عَلَى كُلِّ هَذَا، وَحُكِيَ قَوْلٌ: أَنَّهُ يُشْتَرَطُ سَاتِرُ الْعَوْرَةِ، بِحَيْثُ تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهِ، فَتَخْتَلِفُ الْحَالُ بِذُكُورَةِ الْآخِذِ وَأُنُوثَتِهِ، فَيُجْزِئُ الْإِزَارُ إِنْ أَعْطَاهُ لِرَجُلٍ، وَلَا يُجْزِئُ إِنْ أَعْطَاهُ لِامْرَأَةٍ، وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ.
قُلْتُ: وَيُجْزِئُ الْمِنْدِيلُ، صَرَّحَ بِهِ أَصْحَابُنَا، وَالْمُرَادُ بِهِ هَذَا الْمَعْرُوفُ الَّذِي يُحْمَلُ فِي الْيَدِ، وَقَدْ صَرَّحَ الدَّارِمِيُّ بِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْمِنْدِيلِ وَالْعِمَامَةِ يُجْزِئُ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَأَمَّا الثَّوْبُ الصَّغِيرُ الَّذِي يَكْفِي لِرَضِيعٍ وَصَغِيرٍ دُونَ كَبِيرٍ، فَإِنْ أَخَذَهُ الْوَلِيُّ لِصَغِيرٍ، جَازَ، لِأَنَّ صَرْفَ طَعَامِ الْكَفَّارَةِ وَكُسْوَتِهَا لِلصِّغَارِ جَائِزٌ كَمَا فِي الزَّكَاةِ، وَيَتَوَلَّى الْوَلِيُّ الْأَخْذَ، وَإِنْ أَخَذَهُ كَبِيرٌ لِنَفْسِهِ، جَازَ عَلَى الْأَصَحِّ، وَبِهِ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ، لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَلْبَسَ الْآخِذُ مَا يَأْخُذُهُ، وَلِهَذَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلُ كُسْوَةَ الْمَرْأَةِ، وَعَكْسُهُ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْمَخِيطُ، بَلْ يَجُوزُ دَفْعُ الْكِرْبَاسِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ جَدِيدًا، خَامًا كَانَ أَوْ مَقْصُورًا، فَإِنْ كَانَ مَلْبُوسًا، نُظِرَ: إِنْ تَخَرَّقَ أَوْ ذَهَبَتْ قُوَّتُهُ لِمُقَارَبَةِ الِانْمِحَاقِ، لَمْ يُجْزِئْهُ، كَالطَّعَامِ الْمَعِيبِ، وَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ إِلَى ذَلِكَ الْحَدِّ أَجْزَأَهُ، كَالطَّعَامِ الْعَتِيقِ، لَا يُجْزِئُ الْمُرَقَّعُ إِنْ رُقِّعَ لِلتَّخَرُّقِ
الصفحة 22
319