كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 11)

الْكَفَّارَةِ، أَوْ مَلَّكَهُ مُطْلَقًا ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ، كَفَّرَ بِالْإِطْعَامِ أَوِ الْكُسْوَةِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي الْكَفَّارَاتِ، وَذَكَرْنَا أَنَّهُ لَوْ مَلَّكَهُ عَبْدًا لِيُعْتِقَهُ عَنِ الْكَفَّارَةِ لَمْ يَقَعْ عَنِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَبَنَاهُ الْإِمَامُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ مَلَّكَهُ عَبْدًا، وَأَذِنَ فِي إِعْتَاقِهِ مُتَبَرِّعًا، فَلِمَنِ الْوَلَاءُ فِيهِ؟ أَقْوَالٌ. أَحَدُهَا: لِلسَّيِّدِ، لِقُصُورِ الْعَبْدِ عَنِ اسْتِحْقَاقِ حُقُوقِ الْوَلَاءِ مِنَ الْإِرْثِ وَالْوِلَايَةِ. وَالثَّانِي، يُوقَفُ. فَإِنْ عَتَقَ الْعَبْدُ، بَانَ أَنَّ الْوَلَاءَ لَهُ، وَإِنْ مَاتَ رَقِيقًا، فَلِسَيِّدِهِ. وَالثَّالِثُ: لِلْعَبْدِ، فَعَلَى هَذَا، إِنْ أُذِنَ لَهُ فِي الْإِعْتَاقِ عَنِ الْكَفَّارَةِ، وَقَعَ عَنْهَا، وَثَبَتَ لَهُ الْوَلَاءُ، وَإِنْ قُلْنَا: الْوَلَاءَ لِلسَّيِّدِ، وَقَعَ الْعِتْقُ لَهُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَكَأَنَّ الْمَلِكَ انْقَلَبَ إِلَيْهِ، وَفِي وَجْهٍ وَقَوْلٍ: يَقَعُ عَنِ الْعَبْدِ، وَيُجْزِئُهُ عَنِ الْكَفَّارَةِ، وَيَخْتَصُّ التَّعَذُّرُ بِالْوَلَاءِ، وَإِنْ قُلْنَا بِالتَّوَقُّفِ فِي الْوَلَاءِ، فَوَجْهَانِ: قَالَ الْقَفَّالُ: تُجْزِئُ عَنِ الْكَفَّارَةِ، وَقَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ، وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ: يُتَوَقَّفُ فِي الْوُقُوعِ عَنِ الْكَفَّارَةِ، تَبَعًا لِلْوَلَاءِ، فَإِذَا قُلْنَا فِي هَذِهِ التَّفَارِيعِ، يَقَعُ الْعِتْقُ عَنِ الْكَفَّارَةِ فَأَذِنَ السَّيِّدُ فِي الْإِعْتَاقِ فِي كَفَّارَةٍ مُرَتَّبَةٍ، فَهَلْ لَهُ أَنْ يُكَفِّرَ بِالصَّوْمِ لِضَعْفِ مِلْكِهِ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ لِلْإِمَامِ، لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ مُوسِرًا، وَلِهَذَا يُنْفِقُ عَلَى زَوْجَتِهِ نَفَقَةَ الْمُعْسِرِ، وَإِنْ مَلَّكَهُ السَّيِّدُ أَمْوَالًا عَظِيمَةً. وَلَوْ أَعْتَقَ الْمُكَاتَبُ عَنْ كَفَّارَتِهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَصَحَّحْنَا تَبَرُّعَاتِهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ: الَّذِي ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ أَنَّهُ تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ عَنِ الْكَفَّارَةِ، وَعِنْدِي أَنَّ الْأَمْرَ مَوْقُوفٌ، فَقَدْ يَعْجِزُ، فَيَرِقُّ، فَيَكُونُ الْوَلَاءُ مَوْقُوفًا، فَيَجِبُ التَّوَقُّفُ فِي الْكَفَّارَةِ، وَلَوْ كَفَّرَ السَّيِّدُ عَنِ الْعَبْدِ بِإِطْعَامٍ، أَوْ كُسْوَةٍ، أَوْ إِعْتَاقٍ بِإِذْنِهِ، فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّهُ يَمْلِكُ بِالتَّمْلِيكِ بِتَفْرِيعِهِ، وَإِذَا كَفَّرَ بِالصَّوْمِ، فَهَلْ يُسْتَقْبَلُ بِهِ؟ أَمْ يَحْتَاجُ إِلَى إِذْنِ السَّيِّدِ؟ فِيهِ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ، سَبَقَ فِي الْكَفَّارَاتِ. وَحَيْثُ يَحْتَاجُ، فَلِلسَّيِّدِ مَنْعُ الْأَمَةِ مِنَ الصَّوْمِ، لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ الِاسْتِمْتَاعَ، وَالْكَفَّارَةُ عَلَى التَّرَاخِي، وَلَهُ مَنْعُ الْعَبْدِ عَنِ الصَّوْمِ إِنْ كَانَ

الصفحة 24