كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 11)

خَرَجَ أَحَدُهُمَا فِي الْحَالِ فَبُنِيَ الْجِدَارُ، ثُمَّ عَادَ، لَمْ يَحْنَثِ الْحَالِفُ. وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ بِالْمُسَاكَنَةِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ.
الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ لَا يُقَيِّدَهَا لَفْظًا، فَيَنْظُرُ، إِنْ نَوَى مَوْضِعًا مُعَيَّنًا مِنْ بَيْتٍ أَوْ دَارٍ أَوْ دَرْبٍ أَوْ مَحَلَّةٍ أَوْ بَلَدٍ، فَالْمَذْهَبُ، وَالَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ الْيَمِينَ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا نَوَى. وَقِيلَ: إِنْ كَانَا يَسْكُنَانِ بَيْتًا مِنْ دَارٍ مُتَّحِدَةِ الْمَرَافِقِ، وَنَوَى أَنْ لَا يُسَاكِنَهُ، حُمِلَتِ الْيَمِينُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، وَلَا جَرَى ذِكْرُ تِلْكَ الْمُسَاكَنَةِ، كَقَوْلِ صَاحِبِهِ: سَاكِنِي فِي هَذَا الْبَيْتِ، لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ، وَتُحْمَلُ الْيَمِينُ عَلَى الدَّارِ وَفِي الْبَلَدِ وَجْهٌ أَنَّ اللَّفْظَ لَا يَنْزِلُ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى مُسَاكَنَةً. وَقِيلَ: يَجِيءُ هَذَا الْوَجْهُ فِي الْمَحَلَّةِ. وَإِنْ لَمْ يَنْوِ مَوْضِعًا، وَأَطْلَقَ الْمُسَاكَنَةَ، حَيْثُ بِالْمُسَاكَنَةِ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ، وَحَكَى الْمُتَوَلِّي قَوْلًا أَنَّهُ إِذَا أَطْلَقَ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي دَارٍ وَحُجْرَةٍ مُنْفَرِدَةٍ، حُمِلَتِ الْيَمِينُ عَلَى الِاجْتِمَاعِ الْحَاصِلِ، فَإِنْ كَانَا فِي دَرْبٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ مُفَارَقَةِ أَحَدِهِمَا الدَّرْبَ، وَإِنْ كَانَا فِي مَحَلَّةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ مُفَارَقَةِ أَحَدِهِمَا الْمَحَلَّةَ، وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ، فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَا عِنْدَ الْحَلِفَ فِي بَيْتَيْنِ مِنْ خَانٍ، فَلَا مُسَاكَنَةَ، وَلَا حَاجَةَ إِلَى مُفَارَقَةِ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ، وَعَلَى الْقَوْلِ الشَّاذِّ يُشْتَرَطُ مُفَارَقَتُهُ. وَإِنْ كَانَا فِي بَيْتٍ مِنَ الْخَانِ، فَهَلْ يَكْفِي مُفَارَقَةُ أَحَدِهِمَا ذَلِكَ الْبَيْتَ، أَمْ يُشْتَرَطُ مُفَارَقَتُهُ الْخَانَ؟ فِيهِ هَذَا الْخِلَافُ. ثُمَّ سَوَاءً نَوَى مَوْضِعًا مُعَيَّنًا أَوْ أَطْلَقَ، فَالْقَوْلُ فِي أَنَّ اسْتِدَامَةَ الْمُسَاكَنَةِ مُسَاكَنَةٌ، وَفِي الْحَائِلِ الْمَبْنِيِّ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا سَبَقَ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى. وَالِاعْتِبَارُ بِالِانْتِقَالِ بِالْبَدَنِ، دُونَ الْأَهْلِ وَالْمَالِ كَمَا سَبَقَ.

النَّوْعُ الثَّانِي: أَلْفَاظُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، وَفِيهِ مَسَائِلُ. الْأُولَى: حَلَفَ، فَقَالَ: لَا أَشْرَبُ مِنْ مَاءِ هَذِهِ الْإِدَاوَةِ أَوِ الْجَرَّةِ، حَنِثَ بِمَا

الصفحة 33