كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 11)
حَرْفِ الْعَطْفِ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ حُكْمُهَا، وَفِي هَذَا تَوَقُّفٌ. وَلَوْ أَوْجَبَ حَرْفُ الْعَطْفِ كَوْنَهُمَا يَمِينَيْنِ، لَا كَمَا لَوْ قَالَ: لَا أَلْبَسُهُمَا، لَأُوجِبَ فِي قَوْلِهِ: لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا وَعَمْرًا وَلَا آكُلُ اللَّحْمَ وَالْعِنَبَ كَوْنُهُمَا يَمِينَيْنِ، لَا كَمَا لَوْ قَالَ: لَا أُكَلِّمُ هَذَيْنِ وَلَا آكُلُ هَذَيْنِ.
فَرْعٌ
قَالَ: لَا آكُلُ هَذَا الرَّغِيفَ، لَمْ يَحْنَثْ بِأَكْلِ بَعْضِهِ. وَلَوْ قَالَ: لَآكُلَنَّهُ، لَمْ يَبِرَّ إِلَّا بِأَكْلِ جَمِيعِهِ. فَلَوْ بَقِيَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى مَا يُمْكِنُ الْتِقَاطُهُ وَأَكْلُهُ، لَمْ يَحْنَثْ، كَمَا لَوْ قَالَ: لَا آكُلُ مَا عَلَى هَذَا الطَّبَقِ مِنَ التَّمْرِ، فَأَكَلَ مَا عَلَيْهِ إِلَّا تَمْرَةً، لَا يَحْنَثُ وَإِنْ جَرَتِ الْعَادَةُ بِتَرْكِ بَعْضِ الطَّعَامِ لِلِاحْتِشَامِ مِنِ اسْتِيفَائِهِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ. وَكَذَا لَوْ قَالَ: لَآكُلَنَّ هَذِهِ الرُّمَّانَةَ، فَتَرَكَ حَبَّةً، لَمْ يَبِرَّ، وَإِنْ قَالَ: لَا آكُلُهَا، فَتَرَكَ حَبَّةً، لَمْ يَحْنَثْ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: إِذَا حَلَفَ: لَا يَأْكُلُ الرَّأْسَ أَوِ الرُّءُوسَ، أَوْ لَا يَشْتَرِيهَا، حُمِلَ عَلَى الَّتِي تَمَيَّزُ عَنِ الْأَبْدَانِ وَتُبَاعُ مُفْرَدَةً، وَهِيَ رُءُوسُ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ. وَفِي رُءُوسِ الْإِبِلِ وَجْهٌ شَاذٌّ عَنِ ابْنِ سُرَيْجٍ، فَطَرَّدَهُ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ. وَقِيلَ: إِنْ كَانَ فِي بَلَدٍ لَا تُبَاعُ فِيهِ إِلَّا رُءُوسُ الْغَنَمِ، لَمْ يَحْنَثْ إِلَّا بِغَيْرِهَا، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، فَإِنْ أَكَلَ رَأْسَ طَيْرٍ، أَوْ حُوتٍ، أَوْ ظَبْيٍ، أَوْ صَيْدٍ آخَرَ، لَمْ يَحْنَثْ عَلَى الْمَشْهُورِ. فَإِنْ كَانَتْ رُءُوسُ الصَّيْدِ وَالْحِيتَانِ تُبَاعُ مُفْرَدَةً فِي بَلَدٍ، حَنِثَ بِأَكْلِهَا هُنَاكَ. وَهَلْ يَحْنَثُ بِأَكْلِهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْبَلَدِ؟ وَجْهَانِ رَجَّحَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالرُّويَانِيُّ الْمَنْعَ، وَالْأَقْوَى الْحِنْثُ، وَهُوَ أَقْرَبُ إِلَى ظَاهِرِ النَّصِّ. وَهَلْ يُعْتَبَرُ نَفْسُ الْبَلَدِ الَّذِي يَثْبُتُ فِيهِ الْعُرْفُ، أَمْ كَوْنُ الْحَالِفِ مِنْ أَهْلِهِ؟ وَجْهَانِ. هَذَا كُلُّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ. وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: فَإِنْ قَصَدَ أَنْ لَا يَأْكُلَ مَا يُسَمَّى رَأْسًا، حَنِثَ بِرَأْسِ السَّمَكِ وَالطَّيْرِ. وَإِنْ قَصَدَ نَوْعًا خَاصًّا، لَمْ يَحْنَثْ بِغَيْرِهِ.
الصفحة 37
319