كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 11)

بَلْ إِنْ كَانَ السَّمْنُ ظَاهِرًا فِي الْعَصِيدَةِ وَالسَّوِيقِ يُرَى جِرْمُهُ، حَنِثَ وَهَذَا مُرَادُهُ بِنَصِّ السَّمْنِ، وَكَذَا حُكْمُ الْخَلِّ إِذَا كَانَ ظَاهِرًا بِلَوْنِهِ، وَطَعْمِهِ، بِأَنْ أَكَلَ مَرْقَةً وَهِيَ حَامِضَةٌ وَإِنْ كَانَ السَّمْنُ أَوِ الْخَلُّ مُسْتَهْلَكًا، لَمْ يَحْنَثْ. وَهَذَا مُرَادُهُ بِنَصِّ الْخَلِّ. وَصَوَّرُوا ذَلِكَ فِيمَا إِذَا أَكَلَ لَحْمَ السِّكْبَاجِ أَوْ مَا فِيهِ مِنْ سَلْقٍ وَغَيْرِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَطْلَقَ وَجْهَيْنِ أَوْ قَوْلَيْنِ فِيهِمَا.
فَرْعٌ
حَلَفَ: لَا يَأْكُلُ أَوْ لَا يَشْرَبُ، لَا يَحْنَثُ بِمُجَرَّدِ الذَّوْقِ، وَلَوْ حَلَفَ: لَا يَذُوقُ، فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ، حَنِثَ عَلَى الصَّحِيحِ، لِتَضَمُّنِهُمَا الذَّوْقَ. وَإِنْ أَدْرَكَ طَعْمَ الشَّيْءِ بِالْمَضْغِ وَالْإِمْسَاكِ فِي الْفَمِ، ثُمَّ مَجَّهُ وَلَمْ يَنْزِلْ إِلَى حَلْقِهِ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا يَحْنَثُ، كَمَا لَا يُفْطِرُ. وَأَصَحُّهُمَا: يَحْنَثُ، لِأَنَّ الذَّوْقَ إِدْرَاكُ الطَّعْمِ. وَلَوْ حَلَفَ: لَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ وَلَا يَذُوقُ، فَأُوجِرَ فِي حَلْقِهِ حَتَّى صَارَ فِي جَوْفِهِ، لَمْ يَحْنَثْ. وَلَوْ قَالَ: لَا أَطْعَمُ كَذَا فَأَوْجَرَهُ، حَنِثَ، لِأَنَّ مَعْنَاهُ: لَا جَعَلْتُهُ لِي طَعَامًا.

التَّاسِعَةُ: حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْفَاكِهَةَ، حَنِثَ بِأَكْلِ الْعِنَبِ، وَالرُّمَّانِ، وَالرُّطَبِ، وَالتُّفَّاحِ، وَالسَّفَرْجَلِ، وَالْكُمِّثْرَى، وَالْمِشْمِشِ، وَالْخَوْخِ، وَالْأَجَاصِ، وَالْأُتْرُجِّ، وَالنَّارِنْجِ، وَاللَّيْمُونِ، وَالنَّبْقِ، وَالْمَوْزِ، وَالتِّينِ، وَلَا يَحْنَثُ بِالْقِثَّاءِ وَالْخِيَارِ وَالْبَاذِنْجَانِ وَالْجَزَرِ، وَيَحْنَثُ بِالْبِطِّيخِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ، لِأَنَّ لَهُ نُضْجًا وَإِدْرَاكًا، وَيَدْخُلُ فِي اسْمِ الْفَاكِهَةِ الرُّطَبُ وَالْيَابِسُ، كَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالتِّينِ الْيَابِسِ، وَمَفْلَقِ الْخَوْخِ

الصفحة 43