كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 11)

لَمْ يَحْنَثْ أَيْضًا عَلَى الْمَذْهَبِ. وَإِنْ أَطْلَقَ، حَنِثَ عَلَى الْأَظْهَرِ. وَلَوْ سَلَّمَ مِنْ صَلَاتِهِ، وَالْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مِنَ الْمَأْمُومِينَ، فَفِيهِ هَذَا التَّفْصِيلُ. وَلَوْ صَلَّى الْحَالِفُ خَلْفَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، فَسَبَّحَ لِسَهْوِهِ، أَوْ فَتَحَ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةَ، لَمْ يَحْنَثْ، وَلَوْ قَرَأَ آيَةً، فَهِمَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مِنْهَا مَقْصُودَهُ، فَإِنْ قَصَدَ الْقِرَاءَةَ، لَمْ يَحْنَثْ، وَإِلَّا، فَيَحْنَثُ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: حَلَفَ: لَا يَتَكَلَّمُ حَنِثَ بِتَرْدِيدِ الشِّعْرِ مَعَ نَفْسِهِ، لِأَنَّ الشِّعْرَ كَلَامٌ، وَلَا يَحْنَثُ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالدُّعَاءِ عَلَى الصَّحِيحِ، لِأَنَّ اسْمَ الْكَلَامِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يَنْصَرِفُ إِلَى كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ فِي مُحَاوَرَاتِهِمْ. وَقِيلَ: يَحْنَثُ، لِأَنَّهُ يُبَاحُ لِلْجُنُبِ، فَهُوَ كَسَائِرِ الْكَلَامِ، وَلَا يَحْنَثُ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ.
قُلْتُ: قَالَ الْقَفَّالُ فِي شَرْحِ «التَّلْخِيصِ» : لَوْ قَرَأَ التَّوْرَاةَ الْمَوْجُودَةَ الْيَوْمَ، لَمْ يَحْنَثْ، لِأَنَّا نَشُكُّ أَنَّ الَّذِي قَرَأَهُ مُبَدَّلٌ أَمْ لَا. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

الثَّالِثَةُ: حَلَفَ: لَيُثْنِيَنَّ عَلَى اللَّهِ أَحْسَنَ الثَّنَاءِ، فَطَرِيقُ الْبَرِّ أَيَقُولُ: لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ زَادَ إِبْرَاهِيمُ الْمَرْوَزِيُّ فِي آخِرِهِ: فَلَكَ الْحَمْدُ حَتَّى تَرْضَى فَصَوَّرَ الْمُتَوَلِّي الْمَسْأَلَةَ فِيمَا لَوْ قَالَ: لَأُثْنِيَنَّ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِأَجَلِّ الثَّنَاءِ، أَوْ أَعْظَمِهِ، وَزَادَ فِي أَوَّلِ الذِّكْرِ سُبْحَانَكَ وَلَوْ قَالَ: لَأَحْمَدَنَّ اللَّهَ بِمَجَامِعِ الْحَمْدِ، وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: بِأَجَلِّ التَّحَامِيدِ، فَطَرِيقُ الْبَرِّ أَنْ يَقُولَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا يُوَافِي نِعَمَهُ وَيُكَافِئُ مَزِيدَهُ وَلَوْ قَالَ: لَأُصَلِّيَنَّ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْضَلَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، فَطَرِيقُ الْبَرِّ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كُلَّمَا ذَكَرَهُ الذَّاكِرُونَ وَكُلَّمَا سَهَا عَنْ ذِكْرِهِ الْغَافِلُونَ. ذَكَرَهُ إِبْرَاهِيمُ الْمَرْوَزِيُّ.

الصفحة 65