كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 11)

لَمْ يَحْنَثْ، لِبَقَاءِ الْحَقِّ عَلَيْهِ وَإِمْكَانِ قَضَائِهِ. وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَحْتَاجُ الْإِبْرَاءُ إِلَى قَبُولٍ، سَقَطَ الدَّيْنُ. وَفِي الْحِنْثِ قَوْلَا الْإِكْرَاهِ، لِفَوَاتِ الْبَرِّ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ. وَالْهِبَةُ فِي الْعَيْنِ وَالصُّلْحُ عَنِ الدَّيْنِ، كَالْإِبْرَاءِ إِذَا قُلْنَا: إِنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى الْقَبُولِ. وَلَوْ قَالَ: لَأَقْضِيَنَّكَ حَقَّكَ غَدًا إِلَّا أَنْ تَشَاءَ أَنْ أُؤَخِّرَهُ، فَإِنْ قَضَاهُ غَدًا، بَرَّ، سَوَاءً شَاءَ صَاحِبُ الْحَقِّ أَمْ لَا. وَإِنْ لَمْ يُقْضِهِ فِي الْغَدِ، فَإِنْ شَاءَ صَاحِبُهُ تَأْخِيرَهُ قَبْلَ مُضِيِّ الْغَدِ، لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ لَمْ يَشَأْ، حَنِثَ. وَكَذَا لَوْ قَالَ: إِلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ أَنْ أُؤَخِّرَهُ، إِلَّا أَنَّهُ إِذَا مَاتَ صَاحِبُ الْحَقِّ قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ، فَالْحِنْثُ عَلَى قَوْلِي الْإِكْرَاهُ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ وَبَعْدَ التَّمَكُّنِ، فَفِيهِ الطَّرِيقَانِ. وَإِنْ مَاتَ زَيْدٌ قَبْلَ الْغَدِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ مَشِيئَتَهُ، لَمْ يَحْنَثْ فِي الْحَالِ، لِإِمْكَانِ الْقَضَاءِ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَإِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَلَمْ يَقْضِ، حَنِثَ حِينَئِذٍ. وَلَوْ قَالَ: لَأَقْضِيَنَّكَ حَقَّكَ إِلَى الْغَدِ إِلَّا أَنْ تَشَاءَ تَأْخِيرَهُ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ الْقَضَاءَ عَلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنَ الْغَدِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَلَمْ يَشَأْ صَاحِبُ الْحَقِّ تَأْخِيرَهُ، حَنِثَ.
فَرْعٌ
حَلَفَ: لَيُطَلِّقَنَّ زَوْجَتَهُ غَدًا، فَطَلَّقَهَا الْيَوْمَ، نُظِرَ إِنْ لَمْ يَسْتَوْفِ الثَّلَاثَ، فَالْبَرُّ مُمْكِنٌ، وَإِنْ اسْتَوْفَاهُ، فَقَدْ فَوَّتَ الْبَرَّ، فَيَحْنَثُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ صَلَاةٌ عَنْ نَذْرٍ، فَحَلَفَ لَيُصَلِّينَّهَا غَدًا، فَصَلَّاهَا الْيَوْمَ، حَنِثَ.

الثَّالِثَةُ: قَالَ: لَأَقْضِيَّنَ حَقَّكَ عِنْدَ رَأْسِ الْهِلَالِ، أَوْ مَعَ رَأْسِ الْهِلَالِ، أَوْ عِنْدَ الِاسْتِهْلَالِ، أَوْ مَعَ رَأْسِ الشَّهْرِ، فَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ تَقَعُ عَلَى أَوَّلِ جُزْءٍ مِنَ اللَّيْلَةِ الْأُولَى مِنَ الشَّهْرِ، وَلَفْظَتَا «عِنْدَ» وَ «مَعَ» تَقْتَضِيَانِ الْمُقَارَنَةَ. فَإِنْ قَضَاهُ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ بَعْدَهُ، حَنِثَ، فَيَنْبَغِي أَنْ

الصفحة 70