كتاب الفروع وتصحيح الفروع (اسم الجزء: 11)
قَبُولُهُ وَفِيهَا لَهُ عَزْلُ نَائِبِهِ بِأَفْضَلَ وَقِيلَ بِمِثْلِهِ وَقِيلَ بِدُونِهِ لِمَصْلَحَةِ الدِّينِ. وَقَالَ الْقَاضِي: عَزْلُ نَفْسِهِ يَتَخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ هَلْ هُوَ وَكِيلٌ لِلْمُسْلِمِينَ أَمْ لَا؟ وَفِيهِ رِوَايَتَانِ نَصَّ عَلَيْهِمَا فِي خَطَإِ الْإِمَامِ فَإِنْ قُلْنَا فِي بَيْتِ الْمَالِ فَهُوَ وَكِيلٌ فَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ وَإِنْ قُلْنَا عَلَى عَاقِلَتِهِ فَلَا وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ وَاحْتُجَّ لِلْمَنْعِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلرَّسُولِ عَزْلُ نَفْسِهِ عَنْ الرِّسَالَةِ وَلِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى تَأْخِيرِ اسْتِيفَاءِ الْحُقُوقِ وَإِلَى إسْقَاطِ الْحُدُودِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ الْحَدَّ لَا يَجِبُ عِنْدَهُ فِي دَارٍ خَلَتْ مِنْ إمَامٍ وَلِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَوْ مَلَكَ عَزْلَ نَفْسِهِ لِمَا سَأَلَهُمْ ذَلِكَ وَاحْتُجَّ لِلْجَوَازِ بِقَوْلِهِمْ لِعُثْمَانَ اخْلَعْ نَفْسَك1 فَقَالَ: لَا أَفْعَلُ فَلَوْ لَمْ يَمْلِكْهُ لَمْ يَمْتَنِعْ. وَذَكَرَ الْقَاضِي هَلْ لِمَنْ ولاه عزله الخلاف السابق2 وَاحْتَجُّوا لِلْجَوَازِ بِوُقُوعِهِ لَكِنْ لَمْ يَقَعْ مِنْ الصَّحَابَةِ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ فَقَالَ عُمَرُ: لَأَعْزِلَن أَبَا مَرْيَمَ وَأُوَلِّيَن رَجُلًا إذَا رَآهُ الْفَاجِرُ فَرَقَ فَعَزَلَهُ عَنْ قَضَاءِ الْبَصْرَةِ وَوَلَّى 3كَعْبَ بْنَ سور3 مكانه4.
ـــــــــــــــــــــــــــــQتَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: وَقَالَ الْقَاضِي: عَزْلُ نَفْسِهِ يَتَخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ هَلْ هُوَ وَكِيلٌ لِلْمُسْلِمِينَ أَمْ لَا؟ وَفِيهِ رِوَايَتَانِ نَصَّ عَلَيْهِمَا فِي خَطَإِ الْإِمَامِ فَإِنْ قُلْنَا فِي بَيْتِ الْمَالِ فَهُوَ وَكِيلٌ فَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ وإن قلنا على عاقلته فلا انتهى.
وقد قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ قَبْلَ ذَلِكَ أَنَّ لَهُ عَزْلَ نَفْسِهِ وَكَذَا ابْنُ حَمْدَانَ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْعَاقِلَةِ5 وَخَطَإِ إمَامٍ وَحَاكِمٍ فِي حُكْمٍ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَعَلَيْهَا لِلْإِمَامِ عَزْلُ نَفْسِهِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ انْتَهَى. وَحَاصِلُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَتْ مِنْ الْخِلَافِ الْمُطْلَقِ الَّذِي اصْطَلَحَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ.
__________
1 ينظر: ططبقات ابن سعد" 3/66.
2 ليست في "ط".
3 في "ط: "كب بن سور".
4 ينظر "السنن الكبرى" للبيهقي 10/108، والإرواء 8/234.
5 10/7.
الصفحة 126