كتاب صحيح ابن حبان - محققا (اسم الجزء: 11)

فَلَمْ نَزَلْ نَتَعَرَّفُ (¬1) مِنْ رَبِّنَا مُذْ جَاءَنَا رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْفَلْجُ، (¬2) وَالنَّصْرُ، حَتَّى أَتَيْنَاكُمْ، وَإِنَّا وَاللَّهِ نَرَى لَكُمْ مُلْكًا وَعَيْشًا لَا نَرْجِعُ إِلَى ذَلِكَ الشَّقَاءِ أَبَدًا، حَتَّى نَغْلِبَكُمْ عَلَى مَا فِي أَيْدِيكُمْ، أَوْ نُقْتَلَ فِي أَرْضِكُمْ، فَقَالَ: أَمَّا الْأَعْوَرُ، فَقَدْ صَدَقَكُمُ الَّذِي فِي نَفْسِهِ، فَقُمْتُ مِنْ عِنْدِهِ، وَقَدْ وَاللَّهِ أَرْعَبْتُ الْعِلْجَ جَهْدِي، فَأَرْسَلَ إِلَيْنَا الْعِلْجُ إِمَّا أَنْ تَعْبُرُوا إِلَيْنَا بِنَهَاوَنْدَ، وَإِمَّا أَنْ نَعْبُرَ إِلَيْكُمْ، فَقَالَ النُّعْمَانُ: اعْبُرُوا، فَعَبَرْنَا قَالَ أَبِي: فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ قَطُّ، إِنَّ الْعُلُوجَ يَجِيئُونَ، كَأَنَّهُمْ جِبَالُ الْحَدِيدِ، وَقَدْ تَوَاثَقُوا أَنْ لَا يَفِرُّوا مِنَ الْعَرَبِ، وَقَدْ قُرِنَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، حَتَّى كَانَ سَبْعَةٌ فِي قِرَانٍ، وَأَلْقَوْا حَسَكَ (¬3) الْحَدِيدِ خَلْفَهُمْ، وَقَالُوا: مَنْ فَرَّ مِنَّا عَقَرَهُ (¬4) حَسَكُ الْحَدِيدِ، فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ حِينَ رَأَى كَثْرَتَهُمْ: لَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فَشَلًا، (¬5) إِنَّ عَدُوَّنَا يُتْرَكُونَ أَنْ يَتَتَامُّوا، فَلَا يَعْجَلُوا أَمَا، وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ الْأَمْرَ إِلَيَّ لَقَدْ أَعْجَلْتُهُمْ بِهِ،
¬__________
(¬1) في الأصل: نتقرب، والتصويب من " التقاسيم ".
(¬2) الفَلْج: الظفر والفوز.
(¬3) هو عشب يضرب إلى الصفرة، وله شوك يُسمى الحسك أيضاً مدحرج، لا يكاد أحد يمشي عليه إلا مَن في رجليه خف أو نعل، والحسك: ما يعمل على مثاله، وهو من آلات العسكر، قال ابن سيده: الحسك من أدوات الحرب، ربما أُخذ من حديد فألقي حول العسكر، وربما أخذ من خشب فنصب حوله.
(¬4) أي: جرحه.
(¬5) في الأصل: " قتيلاً " والمثبت من الطبري.

الصفحة 67