كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 11)

بشحمها ولحمها وعظامها وأعضائها والأهم من ذلك روحها، فمعلوم أنه إذا أجهضت المرأة الحامل بعد هذه الفترة فإن الجنين المتوفي تجرى عليه مراسم الميت كاملة من دفن وغيره، بل أن في القوانين الوضعية لبعض دول العالم يحاسب قاتل الجنين في هذه المرحلة على أنه قاتل إنسان بالغ بل وتكون العقوبة أقسى، كل ذلك لأن فيه روح. وهذا الخلق الآخر عبر عنه الكتاب العزيز بقوله تعالى:
هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (6) (آل عمران: 6).
بين الدكتور عبد المجيد الزنداني عام 1983 - ومن بعده الدكتور كيث مور - في بحثه «مطابقة علم الأجنة لما في القرآن والسنة» مراحل تطور نمو الإنسان خلال مرحلة الجنين وقد أثبت العلم الحديث في مجال الهندسة الوراثية أنه في اليوم (42) من عمر الجنين يكون الجنين قد أكمل تخصص خلاياه وقد تخلقت أجهزة جسمه جميعا حتى شكله الخارجي يكون متغيرا عن اليومين السابقين فيكون أكثر انسجاما لشكل الإنسان المصغر في تكوينه الأولي وهذا ما عناه الحديث الشريف الآتي، فقد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم:
«إذا مر بالنطفة اثنتان وأربعون ليلة، بعث اللّه إليها ملكا فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها ثم قال يا رب أذكر أم أنثى؟ فيقضي ربك ما شاء ويكتب الملك» رواه مسلم في كتاب القدر، (صحيح مسلم 2037/ 4). وفي هذه المرحلة من عمر الجنين تنفخ فيه الروح من قبل الملك الخاص، فيكتب شقي أم سعيد كما أنبأنا حديث المصطفى صلى اللّه عليه وسلم. وصدق اللّه ورسوله.
ثم يخرج الإنسان إلى هذه الدنيا بإذن ربه ليبدأ مع رحلة الحياة.
هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً ومِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ ولِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى ولَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (67) (غافر: 67).

الصفحة 23