كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 11)

القرون والأزمان. والآخر نقل الشيء وتحويله مع بقائه في نفسه وفيه يقول السجستاني - من أئمة اللغة - والنسخ أن تحول ما في الخلية من النحل والعسل إلى أخرى ومنه تناسخ المواريث بانتقالها من قوم إلى قوم وتناسخ الأنفس بانتقالها من بدن إلى غيره عند القائلين بذلك ومنه نسخ الكتاب لما فيه من مشابهة النقل وإليه الإشارة بقوله تعالى:
هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (29)، والمراد به نقل الأعمال إلى الصحف ومن الصحف إلى غيرها. وقد اختلف العلماء بعد ذلك في تعيين المعنى الذي وضع له لفظ النسخ فقيل إن لفظ النسخ وضع لكل من المعنيين وضعا أوليا وعلى هذا يكون مشتركا لفظيا وهو الظاهر من تبادر كلا المعنيين بنسبة واحدة عند إطلاق لفظ النسخ وقيل إنه وضع المعنى الأول وحده فهو حقيقة فيه مجاز في الآخر وقيل عكس ذلك وقيل وضع للقدر المشترك بينهما ولكن هذه الآراء الأخيرة يعوزها الدليل ولا يخلو توجيهها من تكلف وتأويل).
وفي التبيان في تفسير غريب القرآن (1/ 377): (نستنسخ نثبت ونستنسخ نأخذ نسخته وذلك أن الملكين يرفعان عمل الإنسان صغيره وكبيره ليثبت اللّه منه ما كان له ثواب وعقاب) ..
وفي لسان العرب (3/ 61): (نسخ: نسخ الشيء ينسخه نسخا وانتسخه واستنسخه اكتتبه عن معارضه. التهذيب النسخ اكتتابك كتابا عن كتاب حرفا بحرف والأصل نسخة والمكتوب عنه نسخة لأنه قام مقامه، والكاتب ناسخ ومنتسخ والاستنساخ كتب كتاب من كتاب وفي التنزيل إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (29) أي نستنسخ ما تكتب الحفظة فيثبت عند اللّه. وفي التهذيب أي نأمر بنسخه وإثباته. والنسخ إبطال الشيء وإقامة آخر مقامه وفي التنزيل * ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَاتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106)، (البقرة: 106)، والآية الثانية ناسخة والأولى منسوخة، وقرأ عبد اللّه بن عامر ما ننسخ بضم النون يعني ما ننسخك من آية، والقراءة هي الأولى. قال ابن الأعرابي: النسخ تبديل الشيء من الشيء وهو غيره ونسخ الآية بالآية إزالة مثل حكمها، والنسخ نقل الشيء من مكان إلى مكان، وقال أبو سعيد مسخه اللّه قردا ونسخه قردا بمعنى واحد، ونسخ الشيء بالشيء ينسخه وانتسخه أزاله

الصفحة 36