كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 11)

الإسلام وفي هذا الكتاب، كما سنبين في الكتب اللاحقة عن الصيدلة وعن الطب النفسي وعن الباراسايكولوجي مدى السبق والإعجاز والاهتمام التي أولاها الإسلام الحنيف دين الفطرة بعلوم الطب وما يتصل بها. كما بين الإسلام الحنيف إن أي تحريم لاستخدام هذه المادة أو تلك أو هذه التقنية أو تلك إنما جاء بسبب ضرر يصيب البشرية من جراءه كما هو الحال للخنزير أو الخمر وكما فصلنا في كتاب الطب، أو كما هو الحال للذهب للرجال كما فصلنا في كتابنا (المنظار الهندسي للقرآن الكريم)، كما إنه جاء من خالقنا وخالق كل شيء العالم بخفايا الأمور والتي تخفى على الناس رغم تطور علومهم وتحتاج لزمن طويل حتى تكتشف.
وعلى هذا الأساس فإن عملية الإفتاء بجواز إعمام الفائدة للناس في مضمار الهندسة الورائية أو عدم التعامل مع المسألة على عواهنها دون التمييز بين المفيد والمقبول شرعا من عدمه قد وضع أسسها وأرسى قواعدها ظاهر الفتوى من علماؤنا الأفاضل - انظر الملحق 3 - .
أما المسألة الفكرية التي تحاول استغلال العلوم لإنكار وجود الخالق، ومن ثم إلغاء الأديان ليحل الفساد بين الناس، فإن هذا ما حذر منه الإسلام وكتابه الكريم أيما تحذير، فنبه أن الخلق من العدم هو من اختصاص الخالق جل وعلا، وأن الناس لو اجتمعوا على خلق جناح بعوضة أو ذبابة فما دونها فلن يستطيعوا ولو جمعوا لذلك ما في الكون من إمكانات:
* إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً ويَهْدِي بِهِ كَثِيراً وما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ (26)، (البقرة: 26).
يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وبَثَّ مِنْهُما رِجالًا كَثِيراً ونِساءً واتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ والْأَرْحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً (1)، (النساء: 1).
* هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً

الصفحة 73