كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 11)

وقيل البتك قطع الشيء من أصله بتكه يبتكه ويبتكه بتكا أي قطعه وبتكه فانبتك وتبتك والبتكة والبتكة القطعة منه والجمع بتك واستشهد ببيت زهير:
طارت وفي كفه من ريشها بتك وسيف باتك أي صارم قال ابن بري ومنه قول الشاعر
إذا طلعت أولى العدي فنفرة ... إلى سلة من صارم الغر باتك

وسيف باتك وبتوك قاطع وسيوف بواتك والبتكة أيضا جهمة من الليل.
تفسير البيضاوي (2/ 255): ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام يشقونها لتحريم ما أحل اللّه وهي عبارة عما كانت العرب تفعل بالبحائر والسوائب وإشارة إلى تحريم ما أحل ونقص كل ما خلق كاملا بالفعل أو القوة ولآمرنهم فليغيرن خلق اللّه عن وجهه وصورته أو صفته ويندرج فيه ما قيل من فقء عين الحامي وخصاء العبيد والوشم والوشر واللواط والسحق ونحو ذلك وعبادة الشمس والقمر وتغيير فطرة اللّه تعالى التي هي الإسلام واستعمال الجوارح والقوى فيما لا يعود على النفس كمالا ولا يوجب لها من اللّه سبحانه وتعالى زلفى وعموم اللفظ يمنع الخصاء مطلقا لكن الفقهاء خصوا في خصاء البهائم للحاجة والجمل الأربع حكاية عما ذكره الشيطان نطقا أو أتاه فعلا ... وكذا قال القرطبي والطبري وابن كثير وسائر أهل التفسير. ولم يكن للآية سبب للنزول اتفق عليه العلماء.
إذن معنى ذلك أنه كان من عادات العرب قبل الإسلام أنهم كانوا يقطعون آذان البهائم والأنعام، وكانت لهم عادات أخرى كالسائبة، والبحيرة، وكانوا يغيرون خلق اللّه تعالى بالوشم وفقإ العيون وغير ذلك. وجاء الإسلام وحرمها، إلا أن كثيرا من هذه العادات استمرت إما لجهل الناس في أمور دينهم، أو لهوى متبع، أو لغيره.
لاحظ البعد المستقبلي في الخطاب القرآني «1»: لو لاحظنا الخطاب القرآني: اللام هنا تفيد التوكيد والمستقبل، والنون أيضا تفيد التوكيد، وقد كررتا خمسة مرات في هذه الآيات في (لأتّخذنّ)، (ولأضلّنّهم)، (ولأمنّينّهم)، (ولآمرنّهم)، (ولآمرنّهم). والتكرار في اللغة يفيد القصد من المعنى، أي أن الأمر يتعدى عادة العرب وأقوام أخرى في
______________________________
(1) وهو ما فصلناه في كتابنا (القرآن منهل العلوم)، طبع الجامعة الإسلامية. وذكرنا بعضه كذلك في كتابنا (المنظار الهندسي للقرآن الكريم)، طبع دار المسيرة عمان.

الصفحة 75