كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 11)

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَحْنَثُ.
تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ: إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ. قَالَهُ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ حَلَفَ " لَا يَسْكُنُ دَارًا " أَوْ " لَا يُسَاكِنُ فُلَانًا " وَهُوَ مُسَاكِنُهُ، وَلَمْ يَخْرُجْ فِي الْحَالِ: حَنِثَ، إلَّا أَنْ يُقِيمَ لِنَقْلِ مَتَاعِهِ، أَوْ يَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ الْخُرُوجَ. فَيُقِيمُ إلَى أَنْ يُمْكِنَهُ. وَإِنْ خَرَجَ دُونَ مَتَاعِهِ وَأَهْلِهِ: حَنِثَ، إلَّا أَنْ يُودِعَ مَتَاعَهُ أَوْ يُعِيرَهُ أَوْ يَزُولَ مِلْكُهُ عَنْهُ وَتَأْبَى امْرَأَتُهُ الْخُرُوجَ مَعَهُ، وَلَا يُمْكِنُهُ إكْرَاهُهَا، فَيَخْرُجُ وَحْدَهُ: فَلَا يَحْنَثُ) هَذَا الْمَذْهَبُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَإِنْ أَقَامَ السَّاكِنُ، أَوْ الْمُسَاكِنُ حَتَّى يُمْكِنَهُ الْخُرُوجُ بِحَسْبِ الْعَادَةِ، لَا لَيْلًا. ذَكَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ، وَالشَّيْخِ يَعْنِي بِهِ الْمُصَنِّفَ بِنَفْسِهِ وَبِأَهْلِهِ وَمَتَاعِهِ الْمَقْصُودِ: لَمْ يَحْنَثْ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْخُلَاصَةِ. وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ، وَغَيْرِهِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ: يَحْنَثُ إنْ لَمْ يَنْوِ النَّقْلَةَ. وَظَاهِرُ نَقْلِ ابْنِ هَانِئٍ وَغَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْوَاضِحِ وَغَيْرِهِ لَوْ تَرَكَ لَهُ بِهَا شَيْئًا: حَنِثَ. وَقِيلَ: إنْ خَرَجَ بِأَهْلِهِ فَقَطْ، فَسَكَنَ بِمَوْضِعٍ آخَرَ: لَمْ يَحْنَثْ. قَالَ الشَّارِحُ: وَالْأَوْلَى إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ إذَا انْتَقَلَ بِأَهْلِهِ، فَسَكَنَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ. وَإِنْ بَقِيَ مَتَاعُهُ فِي الدَّارِ الْأُولَى. لِأَنَّ مَسْكَنَهُ حَيْثُ حَلَّ أَهْلُهُ بِهِ وَنَوَى الْإِقَامَةَ. انْتَهَى.

الصفحة 102