كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 11)

فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِئْنَافُ عَقِبَ الْأَيَّامِ الَّتِي أَفْطَرَ فِيهَا. وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ.
(وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُتِمَّ بَاقِيَهُ وَيَقْضِيَ وَيُكَفِّرَ) . وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ أَقْيَسُ وَأَصَحُّ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَأَطْلَقَهُمَا الْحَاوِي.
تَنْبِيهٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: أَصْلُ الْخِلَافِ أَنَّ التَّتَابُعَ فِي الشَّهْرِ الْمُعَيَّنِ، هَلْ وَجَبَ لِضَرُورَةِ الزَّمَنِ؟ وَإِلَيْهِ مَيْلُ أَبِي مُحَمَّدٍ. أَوْ لِإِطْلَاقِ النَّذْرِ؟ وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْخِرَقِيِّ، وَالْجَمَاعَةِ. وَلِهَذَا لَوْ شَرَطَ التَّتَابُعَ بِلَفْظِهِ، أَوْ نَوَاهُ: لَزِمَهُ الِاسْتِئْنَافُ قَوْلًا وَاحِدًا. وَمِمَّا يَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا: إذَا تَرَكَ صَوْمَ الشَّهْرِ كُلِّهِ، فَهَلْ يَلْزَمُهُ شَهْرٌ مُتَتَابِعٌ، أَوْ يُجْزِئُهُ مُتَفَرِّقًا؟ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَلِهَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ أَيْضًا: الْتِفَاتٌ إلَى مَا إذَا نَوَى صَوْمَ شَهْرٍ، وَأَطْلَقَ: هَلْ يَلْزَمُهُ مُتَتَابِعًا أَمْ لَا؟ . وَقَدْ تَقَدَّمَ: أَنَّ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ يُشْعِرُ بِعَدَمِ التَّتَابُعِ. وَقَضِيَّةُ الْبِنَاءِ هُنَا تَقْتَضِي اشْتِرَاطَ التَّتَابُعِ. كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ ثَمَّ. انْتَهَى. فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا: لَوْ قَيَّدَ الشَّهْرَ الْمُعَيَّنَ بِالتَّتَابُعِ، فَأَفْطَرَ يَوْمًا بِلَا عُذْرٍ ابْتِدَاءً وَكَفَّرَ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ أَفْطَرَ فِي بَعْضِهِ لِعُذْرٍ بَنَى عَلَى مَا مَضَى مِنْ صِيَامِهِ وَكَفَّرَ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَالَ الشَّارِحُ: هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ.

الصفحة 142