كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 11)

وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ: وَبِدُونِ حَاجَةٍ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. وَلَا لَهُ أَخْذُهُ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقِيلَ: لَهُ الْأَخْذُ إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ. وَعَنْهُ: لَا يَأْخُذُ أُجْرَةً عَلَى أَعْمَالِ الْبِرِّ.

فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا: إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يَكْفِيهِ، فَفِي جَوَازِ أَخْذِهِ مِنْ الْخَصْمَيْنِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ. قَالَ فِي الْكَافِي: وَإِذَا قُلْنَا بِجَوَازِ أَخْذِ الرِّزْقِ، فَلَمْ يُجْعَلْ لَهُ شَيْءٌ، فَقَالَ: لَا أَقْضِي بَيْنَكُمَا إلَّا بِجُعْلٍ: جَازَ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي رِزْقٌ فَقَالَ لِلْخَصْمَيْنِ: لَا أَقْضِي بَيْنَكُمَا حَتَّى تَجْعَلَا لِي عَلَيْهِ جُعْلًا: جَازَ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَجُوزَ. انْتَهَيَا.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجُوزُ. اخْتَارَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالنَّظْمِ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَيَأْتِي حُكْمُ الْهَدِيَّةِ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ.

الثَّانِيَةُ: لَوْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ أَنْ يُفْتِيَ وَلَهُ كِفَايَةٌ. فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي آدَابِ الْمُفْتِي، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَأُصُولِ ابْنِ مُفْلِحٍ، وَفُرُوعِهِ. وَاخْتَارَ ابْنُ الْقَيِّمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي أَعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ عَدَمَ الْجَوَازِ.

الصفحة 166