كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 11)

وَجَعَلَهُ ظَاهِرَ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الْوِلَايَةُ لَهَا رُكْنَانِ: الْقُوَّةُ، وَالْأَمَانَةُ. فَالْقُوَّةُ فِي الْحُكْمِ: تَرْجِعُ إلَى الْعِلْمِ بِالْعَدْلِ، وَتَنْفِيذِ الْحُكْمِ. وَالْأَمَانَةُ: تَرْجِعُ إلَى خَشْيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. قَالَ: وَهَذِهِ الشُّرُوطُ تُعْتَبَرُ حَسْبَ الْإِمْكَانِ. وَيَجِبُ تَوْلِيَةُ الْأَمْثَلِ فَالْأَمْثَلِ. قَالَ: وَعَلَى هَذَا يَدُلُّ كَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَغَيْرِهِ. فَيُوَلِّي لِلْعَدَمِ: أَنْفَعَ الْفَاسِقِينَ. وَأَقَلَّهُمَا شَرًّا، وَأَعْدَلَ الْمُقَلِّدِينَ وَأُعْرَفَهُمَا بِالتَّقْلِيدِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ كَمَا قَالَ. فَإِنَّ الْمَرُّوذِيَّ نَقَلَ فِيمَنْ قَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ الْحُكْمَ بِالْعَدْلِ: يَصِيرُ الْحُكْمُ إلَى أَعْدَلَ مِنْهُ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إذَا لَمْ يُوجَدْ إلَّا فَاسِقٌ، عَالِمٌ، أَوْ جَاهِلُ دِينٍ: قُدِّمَ مَا الْحَاجَةُ إلَيْهِ أَكْثَرُ إذَنْ. انْتَهَى.
تَنْبِيهٌ لَا يُشْتَرَطُ غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ. وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ. فَالشَّابُّ الْمُتَّصِفُ بِالصِّفَاتِ الْمُعْتَبَرَةِ كَغَيْرِهِ. لَكِنَّ الْأَسَنَّ أَوْلَى مَعَ التَّسَاوِي. وَيُرَجَّحُ أَيْضًا بِحُسْنِ الْخُلُقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَمَنْ كَانَ أَكْمَلَ فِي الصِّفَاتِ. وَيُوَلَّى الْمُوَلَّى مَعَ أَهْلِيَّتِهِ.

فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا: كُلُّ مَا يَمْنَعُ مِنْ تَوْلِيَةِ الْقَضَاءِ ابْتِدَاءً: يَمْنَعُهَا دَوَامًا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. فَيَنْعَزِلُ إذَا طَرَأَ ذَلِكَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ، وَغَيْرِهِ. وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالزَّرْكَشِيِّ، وَالْوَجِيزِ، وَمَنْ تَابَعَهُمْ: مَا فُقِدَ مِنْ الشُّرُوطِ

الصفحة 181