كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 11)

وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ فِي الْجُلُوسِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي رَفْعِهِ: فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِيهِمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي: يَجُوزُ تَقْدِيمُ الْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ فِي الْجُلُوسِ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ: أَنَّهُ يُسَوِّي بَيْنَهُمَا فِي الدُّخُولِ. وَفِي الرِّعَايَةِ قَوْلُ عَكْسِهِ. قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي مُخْتَصَرِهِ: يُسَوِّي بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ فِي مَجْلِسِهِ وَلَحْظِهِ وَلَفْظِهِ. وَلَوْ ذِمِّيًّا فِي وَجْهٍ. فَظَاهِرُهُ دُخُولُ اللَّحْظِ وَاللَّفْظِ فِي الْخِلَافِ. فَتَخْلُصُ لَنَا فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: التَّقْدِيمُ مُطْلَقًا، وَمَنْعُهُ مُطْلَقًا. وَالتَّقْدِيمُ فِي الدُّخُولِ دُونَ الرَّفْعِ. وَظَاهِرُ الْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي: قَوْلٌ رَابِعٌ. وَهُوَ التَّقْدِيمُ فِي الرَّفْعِ دُونَ الدُّخُولِ.
فَائِدَةٌ:
لَوْ سَلَّمَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ عَلَى الْقَاضِي: رَدَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: يَصْبِرُ حَتَّى يُسَلِّمَ الْآخِرُ، لِيَرُدَّ عَلَيْهِمَا مَعًا إلَّا أَنْ يَتَمَادَى عُرْفًا. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَإِنْ سَلَّمَا مَعًا رَدَّ عَلَيْهِمَا مَعًا. وَإِنْ سَلَّمَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ دُخُولِ خَصْمِهِ أَوْ مَعَهُ، فَهَلْ يَرُدُّ عَلَيْهِ قَبْلَهُ؟ يُحْتَمَلُ وَجْهَيْنِ. انْتَهَى. وَلَهُ الْقِيَامُ السَّائِغُ وَتَرْكُهُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: يُكْرَهُ الْقِيَامُ لَهُمَا. فَإِنْ قَامَ لِأَحَدِهِمَا قَامَ لِلْآخِرِ، أَوْ اعْتَذَرَ إلَيْهِ. قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ.

قَوْلُهُ (وَلَا يُسَارَّ أَحَدُهُمَا، وَلَا يُلَقِّنُهُ حَجَّتَهُ، وَلَا يُضِيفُهُ) يَعْنِي: يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ. قَالَهُ الْأَصْحَابُ.

الصفحة 206