كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 11)

قَوْلُهُ (وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْضِرَ مَجْلِسَهُ الْفُقَهَاءَ مِنْ كُلِّ مَذْهَبٍ إنْ أَمْكَنَ، وَيُشَاوِرُهُمْ فِيمَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ) . مِنْ اسْتِخْرَاجِ الْأَدِلَّةِ. وَتَعَرُّفِ الْحَقِّ بِالِاجْتِهَادِ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: مَا أَحْسَنَهُ لَوْ فَعَلَهُ الْحُكَّامُ، يُشَاوِرُونَ وَيَنْتَظِرُونَ. فَإِنْ اتَّضَحَ لَهُ حُكْمٌ وَإِلَّا أَخَّرَهُ.

قَوْلُهُ (وَلَا يُقَلِّدُ غَيْرَهُ، وَإِنْ كَانَ أَعْلَمَ مِنْهُ) . وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يُقَلِّدَ غَيْرَهُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَإِنْ كَانَ أَعْلَمَ مِنْهُ نَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: عَلَيْهِ أَنْ يَجْتَهِدَ. وَنَقَلَ أَبُو الْحَارِثِ: لَا تُقَلِّدْ أَمْرَك أَحَدًا. وَعَلَيْك بِالْأَثَرِ. وَقَالَ لِلْفَضْلِ بْنِ زِيَادٍ: لَا تُقَلِّدْ دِينَك الرِّجَالَ. فَإِنَّهُمْ لَنْ يَسْلَمُوا أَنْ يُغَلِّطُوا، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذَهَّبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالْوَجِيزِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَعَنْهُ: يَجُوزُ. قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَحَكَى أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ: أَنَّ مَذْهَبَنَا جَوَازُ تَقْلِيدِ الْعَالِمِ. قَالَ: وَهَذَا لَا نَعْرِفُهُ عَنْ أَصْحَابِنَا. وَاخْتَارَ أَبُو الْخَطَّابِ: إنْ كَانَتْ الْعِبَادَةُ مِمَّا لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا كَالصَّلَاةِ فَعَلَهَا بِحَسَبِ حَالِهِ، وَيُعِيدُ إذَا قَدَرَ، كَمَنْ عَدِمَ الْمَاءَ وَالتُّرَابَ. فَلَا ضَرُورَةَ إلَى التَّقْلِيدِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ كَانَ الْخَصْمُ مُسَافِرًا يَخَافُ فَوْتَ رُفْقَتِهِ: احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ.

الصفحة 208