كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 11)

وَقَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي أُصُولِهِ: وَلَهُ قَبُولُ هَدِيَّةٍ. وَالْمُرَادُ: لَا لِيُفْتِيَهُ بِمَا يُرِيدُهُ، وَإِلَّا حَرُمَتْ. زَادَ بَعْضُهُمْ: أَوْ لِنَفْعِهِ بِجَاهِهِ أَوْ مَالِهِ. وَفِيهِ نَظَرٌ. وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ لَا يَقْبَلُ هَدِيَّةً إلَّا أَنْ يُكَافِئَ. وَقَالَ: لَوْ جَعَلَ لِلْمُفْتِي أَهْلُ بَلَدٍ رِزْقًا لِيَتَفَرَّغَ لَهُمْ: جَازَ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: هُوَ بَعِيدٌ. وَلَهُ أَخْذُ الرِّزْقِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. وَتَقَدَّمَ أَنَّ لِلْحَاكِمِ طَلَبَ الرِّزْقِ لَهُ وَلِأُمَنَائِهِ وَهَلْ يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يَكْفِيهِ أَمْ لَا؟ وَكَذَلِكَ الْمُفْتِي فِي أَوَائِلِ " بَابِ الْقَضَاءِ ".
الثَّالِثَةُ: " الرِّشْوَةُ " مَا يُعْطَى بَعْدَ طَلَبِهِ، وَ " الْهَدِيَّةُ " الدَّفْعُ إلَيْهِ ابْتِدَاءً. قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ. ذَكَرَهُ عَنْهُ فِي الْفُرُوعِ فِي " بَابِ حُكْمِ الْأَرْضِينَ الْمَغْنُومَةِ ".
الرَّابِعَةُ: حَيْثُ قُلْنَا لَا يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ، وَخَالَفَ وَفَعَلَ: أُخِذَتْ مِنْهُ لِبَيْتِ الْمَالِ عَلَى قَوْلٍ. لِخَبَرِ ابْنِ اللُّتْبِيَّةِ. وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. وَقِيلَ: تُرَدُّ إلَى صَاحِبِهَا، كَمَقْبُوضٍ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ. وَهُوَ الصَّحِيحُ. قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. وَقِيلَ: لَا يَمْلِكُهَا إنَّ عَجَّلَ مُكَافَأَتَهَا. وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْفُرُوعِ. فَعَلَى
الْوَجْهِ الْأَوَّلِ: تُؤْخَذُ هَدِيَّةُ الْعَامِلِ لِلصَّدَقَاتِ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ، وَقَالَ: فَدَلَّ عَلَى أَنَّ فِي انْتِقَالِ الْمَلِكِ فِي الرِّشْوَةِ وَالْهَدِيَّةِ: وَجْهَيْنِ. قَالَ: وَيُتَوَجَّهُ.

الصفحة 212