كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 11)

إنَّمَا فِي الرِّعَايَةِ: أَنَّ السَّاعِيَ يَعْتَدُّ لِرَبِّ الْمَالِ بِمَا أَهْدَاهُ إلَيْهِ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَنْهُ: لَا، مَأْخَذُهُ ذَلِكَ. وَنَقَلَ مُهَنَّا فِيمَنْ اشْتَرَى مِنْ وَكِيلٍ، فَوَهَبَهُ شَيْئًا: أَنَّهُ لِلْمُوَكِّلِ. وَهَذَا يَدُلُّ لِكَلَامِ الْقَاضِي الْمُتَقَدِّمِ. وَيُتَوَجَّهُ فِيهِ، فِي نَقْلِ الْمَلِكِ: الْخِلَافُ. وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ فِي عَامِلِ الزَّكَاةِ إذَا ظَهَرَتْ خِيَانَتُهُ بِرِشْوَةٍ أَوْ هَدِيَّةٍ: أَخَذَهَا الْإِمَامُ لَا أَرْبَابُ الْأَمْوَالِ. وَتَبِعَهُ فِي الرِّعَايَةِ، ثُمَّ قَالَ: قُلْت: إنْ عُرِفُوا رُدَّ إلَيْهِمْ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَنْ وَلِيَ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ السُّلْطَانِ: لَا أُحِبُّ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ شَيْئًا. يُرْوَى " هَدَايَا الْأُمَرَاءِ غُلُولٌ ". وَالْحَاكِمُ خَاصَّةً: لَا أُحِبُّهُ لَهُ، إلَّا مِمَّنْ كَانَ لَهُ بِهِ خِلْطَةٌ وَوَصْلَةٌ وَمُكَافَأَةٌ قَبْلَ أَنْ يَلِيَ. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَنْ كَسَبَ مَالًا مُحَرَّمًا بِرِضَى الدَّافِعِ، ثُمَّ تَابَ، كَثَمَنِ خَمْرٍ وَمَهْرِ بَغْيٍ، وَحُلْوَانِ كَاهِنٍ: أَنَّ لَهُ مَا سَلَفَ. وَقَالَ أَيْضًا: لَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَلَا يَرُدُّهُ، لِقَبْضِهِ عِوَضَهُ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ. كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي حَامِلِ الْخَمْرِ. وَقَالَ فِي مَالٍ مُكْتَسِبٍ مِنْ خَمْرٍ وَنَحْوِهِ: يَتَصَدَّقُ بِهِ. فَإِذَا تَصَدَّقَ بِهِ: فَلِلْفَقِيرِ أَكْلُهُ، وَلِوَلِيِّ الْأَمْرِ أَنْ يُعْطِيَهُ لِأَعْوَانِهِ. وَقَالَ أَيْضًا فِيمَنْ تَابَ: إنْ عَلِمَ صَاحِبُهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ، وَإِلَّا دَفَعَهُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ. وَلَهُ مَعَ حَاجَتِهِ أَخْذُ كِفَايَتِهِ. وَقَالَ فِي الرَّدِّ عَلَى الرَّافِضِيِّ فِي بَيْعِ سِلَاحٍ فِي فِتْنَةٍ وَعِنَبٍ لِخَمْرٍ: يَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ.

الصفحة 213