كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 11)

وَقَالَ: هُوَ قَوْلُ مُحَقِّقِي الْفُقَهَاءِ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ. وَقَوْلُهُ مَعَ الْجَمَاعَةِ أَوْلَى. وَتَقَدَّمَ مَا يَقْرُبُ مِنْ ذَلِكَ فِي " بَابِ الْغَصْبِ " عِنْدَ قَوْلِهِ " وَإِنْ بَقِيَتْ فِي يَدِهِ غُصُوبٌ لَا يَعْرِفُ أَرْبَابَهَا ".
الْخَامِسَةُ: لَا يَجُوزُ إعْطَاءُ الْهَدِيَّةِ لِمَنْ يَشْفَعُ عِنْدَ السُّلْطَانِ، وَنَحْوَهُ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَأَوْمَأَ إلَيْهِ. لِأَنَّهَا كَالْأُجْرَةِ. وَالشَّفَاعَةِ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ، فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهَا. وَفِيهِ حَدِيثٌ صَرِيحٌ فِي السُّنَنِ. وَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَنْ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ فَأَدَّاهَا. فَأُهْدِيَتْ إلَيْهِ هَدِيَّةٌ: أَنَّهُ لَا يَقْبَلَهَا إلَّا بِنِيَّةِ الْمُكَافَأَةِ. وَحُكْمُ الْهَدِيَّةِ عِنْدَ سَائِرِ الْأَمَانَاتِ: كَحُكْمِ الْوَدِيعَةِ. قَالَهُ فِي الْقَاعِدَةِ الْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ.

قَوْلُهُ (وَيُكْرَهُ أَنْ يَتَوَلَّى الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ بِنَفْسِهِ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُوَكِّلَ فِي ذَلِكَ مَنْ لَا يُعْرَفُ أَنَّهُ وَكِيلُهُ) وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذَهَّبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَجَعَلَهَا الشَّرِيفُ وَأَبُو الْخَطَّابِ: كَالْهَدِيَّةِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ. كَالْوَالِي. وَسَأَلَهُ حَرْبٌ: هَلْ لِلْقَاضِي وَالْوَالِي أَنْ يَتَّجِرَ؟ قَالَ: لَا. إلَّا أَنَّهُ شَدَّدَ فِي الْوَالِي.

الصفحة 214