كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 11)

وَإِنْ حَكَمَ بِبَيِّنَةِ خَارِجٍ، أَوْ جَهِلَ عِلْمَهُ بَيِّنَةَ دَاخِلٍ: لَمْ يُنْقَضْ. لِأَنَّ الْأَصْلَ جَرْيُهُ عَلَى الْعَدْلِ وَالصِّحَّةِ. ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي فِي آخِرِ فُصُولِ " مَنْ ادَّعَى شَيْئًا فِي يَدِ غَيْرِهِ ". قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُتَوَجَّهُ وَجْهٌ، يَعْنِي بِنَقْضِهِ.
الثَّانِيَةُ: ثُبُوتُ الشَّيْءِ عِنْدَ الْحَاكِمِ لَيْسَ حُكْمًا بِهِ. عَلَى مَا ذَكَرُوهُ فِي صِفَةِ السِّجِلِّ وَفِي كِتَابِ الْقَاضِي عَلَى مَا يَأْتِي. وَكَلَامُ الْقَاضِي هُنَاكَ يُخَالِفُهُ. قَالَ ذَلِكَ فِي الْفُرُوعِ. وَقَدْ دَلَّ كَلَامُهُ فِي الْفُرُوعِ فِي " بَابِ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي " أَنَّ فِي الثُّبُوتِ خِلَافًا: هَلْ هُوَ حُكْمٌ أَمْ لَا؟ بِقَوْلِهِ فِي أَوَائِلِ الْبَابِ: فَإِنْ حَكَمَ الْمَالِكِيُّ لِلْخِلَافِ فِي الْعَمَلِ بِالْخَطِّ: فَلِحَنْبَلِيٍّ تَنْفِيذُهُ. وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ الْمَالِكِيُّ، بَلْ قَالَ " ثَبَتَ كَذَا " فَكَذَلِكَ. لِأَنَّ الثُّبُوتَ عِنْدَ الْمَالِكِيِّ حُكْمٌ. ثُمَّ إنْ رَأَى الْحَنْبَلِيُّ الثُّبُوتَ حُكْمًا: نَفَّذَهُ. وَإِلَّا فَالْخِلَافُ. وَيَأْتِي فِي آخِرِ الْبَابِ الَّذِي يَلِيه: هَلْ تَنْفِيذُ الْحَاكِمِ حُكْمٌ، أَمْ لَا؟

قَوْلُهُ (وَإِذَا اسْتَعْدَاهُ أَحَدٌ عَلَى خَصْمٍ لَهُ: أَحْضَرَهُ) . يَعْنِي يَلْزَمُهُ إحْضَارُهُ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ. هَذَا اخْتِيَارُ عَامَّةِ شُيُوخِنَا. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: وَهُوَ الْأَصَحُّ. قَالَ النَّاظِمُ: وَهُوَ الْأَقْوَى. قَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ.

الصفحة 227