كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 11)

وَذَكَرَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى مَسْأَلَتَيْنِ. فَقَالَ: وَإِنْ ادَّعَى عَلَى حَاضِرٍ فِي الْبَلَدِ، فَهَلْ لَهُ أَنْ يُحْضِرَهُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ بَيْنَهُمَا مُعَامَلَةً فِيمَا ادَّعَاهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُعَامَلَةٌ: أَحْضَرَهُ، أَوْ وَكِيلَهُ. وَفِي اعْتِبَارِ تَحْرِيرِ الدَّعْوَى لِذَلِكَ قَبْلَ إحْضَارِهِ: وَجْهَانِ. انْتَهَى. وَهُوَ الصَّوَابُ.
وَذَكَرَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: الْمَسْأَلَةَ الثَّانِيَةَ طَرِيقَةً. فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا: لَا يُعَدَّى حَاكِمٌ فِي مِثْلِ مَا لَا تَتْبَعُهُ الْهِبَةُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: وَلَا يَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَسْمَعَ شَكِيَّةَ أَحَدٍ إلَّا وَمَعَهُ خَصْمُهُ. هَكَذَا وَرَدَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
الثَّانِيَةُ: مَتَى لَمْ يُحْضِرْهُ: لَمْ يُرَخَّصْ لَهُ فِي تَخَلُّفِهِ. وَإِلَّا أَعْلَمَ بِهِ الْوَالِيَ. وَمَتَى حَضَرَ، فَلَهُ تَأْدِيبُهُ بِمَا يَرَاهُ.
تَنْبِيهٌ:
مُرَادُ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَغَيْرُهُ: إذَا اسْتَعْدَاهُ عَلَى حَاضِرٍ فِي الْبَلَدِ. أَمَّا إنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ غَائِبًا: فَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ الثَّالِثِ مِنْ الْبَابِ الْآتِي بَعْدَ هَذَا. كَذَا إذَا كَانَ غَائِبًا عَنْ الْمَجْلِسِ. وَيَأْتِي هُنَاكَ أَيْضًا.

قَوْلُهُ (وَإِنْ اسْتَعْدَاهُ عَلَى الْقَاضِي قَبْلَهُ: سَأَلَهُ عَمَّا يَدَّعِيهِ؟ فَإِنْ قَالَ: لِي عَلَيْهِ دَيْنٌ مِنْ مُعَامَلَةٍ، أَوْ رِشْوَةٍ: رَاسَلَهُ. فَإِنْ اعْتَرَفَ بِذَلِكَ: أَمَرَهُ بِالْخُرُوجِ مِنْهُ. وَإِنْ أَنْكَرَهُ، وَقَالَ: إنَّمَا يُرِيدُ بِذَلِكَ تَبْذِيلِي. فَإِنْ عَرَفَ لِمَا ادَّعَاهُ أَصْلًا: أَحْضَرَهُ: وَإِلَّا فَهَلْ يُحْضِرُهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) .

الصفحة 229