كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 11)

وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَوْ حَلَفَ (لَا يَغْدِرُ) كَفَّرَ لِلْقَسَمِ، لَا لِغَدْرِهِ، مَعَ أَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَرْفَعُ إثْمَهُ

قَوْلُهُ (وَلَا يُسْتَحَبُّ تَكْرَارُ الْحَلِفِ) . هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَطَعُوا بِهِ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَا يُسْتَحَبُّ تَكْرَارُ حَلِفِهِ. فَقِيلَ: يُكْرَهُ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا يُكْثِرُ الْحَلِفَ. فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ. لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ لَا يَبْلُغَ حَدَّ الْإِفْرَاطِ. فَإِنْ بَلَغَ ذَلِكَ كُرِهَ قَطْعًا

قَوْلُهُ (وَإِذَا دُعِيَ إلَى الْحَلِفِ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَهُوَ مُحِقٌّ: اُسْتُحِبَّ لَهُ افْتِدَاءُ يَمِينِهِ. فَإِنْ حَلَفَ: فَلَا بَأْسَ) هَذَا الْمَذْهَبُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَالْأَوْلَى افْتِدَاءُ يَمِينِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ وَالْكَافِي، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ: يُكْرَهُ حَلِفُهُ. ذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، قَالَ أَصْحَابُنَا: تَرْكُهُ أَوْلَى. فَيَكُونُ مَكْرُوهًا. انْتَهَى. وَقِيلَ: يُبَاحُ. وَنَقَلَهُ حَنْبَلٌ كَعِنْدِ غَيْرِ الْحَاكِمِ. وَأَطْلَقَهُمَا شَارِحُ الْوَجِيزِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ يُسْتَحَبُّ لِمَصْلَحَةٍ. كَزِيَادَةِ طُمَأْنِينَةٍ، وَتَوْكِيدِ الْأَمْرِ وَغَيْرِهِ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ لِعُمَرَ عَنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ «وَاَللَّهِ مَا صَلَّيْتهَا» تَطْيِيبًا مِنْهُ لِقَلْبِهِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْهَدْيِ، عَنْ قِصَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ: فِيهَا جَوَازُ الْحَلِفِ.

الصفحة 29