كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 11)

الثَّانِيَةُ: لَا يُغَيِّرُ الْيَمِينُ حُكْمَ الْمَحْلُوفِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ: يَحْرُمُ حِنْثُهُ وَقَصْدُهُ، لَا الْمَحْلُوفُ فِي نَفْسِهِ، وَلَا مَا رَآهُ خَيْرًا وَقَالَ فِي الْإِفْصَاحِ: يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِالطَّاعَةِ. وَأَنَّهُ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا يَجُوزُ عُدُولُ الْقَادِرِ إلَى الْكَفَّارَةِ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّهَا تُوجِبُ إيجَابًا، أَوْ تُحَرِّمُ تَحْرِيمًا لَا تَرْفَعُهُ الْكَفَّارَةُ. قَالَ: وَالْعُقُودُ وَالْعُهُودُ مُتَقَارِبَةُ الْمَعْنَى أَوْ مُتَّفِقَةٌ. فَإِذَا قَالَ " أُعَاهِدُ اللَّهَ أَنِّي أَحُجُّ الْعَامَ " فَهُوَ نَذْرٌ وَعَهْدٌ وَيَمِينٌ. وَلَوْ قَالَ " أُعَاهِدُ اللَّهَ أَنْ لَا أُكَلِّمَ زَيْدًا " فَيَمِينٌ وَعَهْدٌ لَا نَذْرٌ. فَالْأَيْمَانُ إنْ تَضَمَّنَتْ مَعْنَى النَّذْرِ وَهُوَ أَنْ يَلْتَزِمَ لِلَّهِ قُرْبَةً لَزِمَهُ الْوَفَاءُ. وَهِيَ عَقْدٌ وَعَهْدٌ، وَمُعَاهَدَةٌ لِلَّهِ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ لِلَّهِ مَا يَطْلُبُهُ اللَّهُ مِنْهُ. وَإِنْ تَضَمَّنَتْ مَعْنَى الْعُقُودِ الَّتِي بَيْنَ النَّاسِ وَهُوَ أَنْ يَلْتَزِمَ كُلٌّ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ لِلْآخَرِ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ فَمُعَاقَدَةٌ وَمُعَاهَدَةٌ، يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهَا. ثُمَّ إنْ كَانَ الْعَقْدُ لَازِمًا: لَمْ يَجُزْ نَقْضُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا: خُيِّرَ وَلَا كَفَّارَةَ فِي ذَلِكَ لِعِظَمِهِ. وَلَوْ حَلَفَ (لَا يَغْدِرُ) كَفَّرَ لِلْقَسَمِ لَا لِغَدْرِهِ، مَعَ أَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَرْفَعُ إثْمَهُ، بَلْ يَتَقَرَّبُ بِالطَّاعَاتِ. انْتَهَى

قَوْلُهُ (فَإِنْ قَالَ: هُوَ يَهُودِيٌّ، أَوْ كَافِرٌ، أَوْ مَجُوسِيٌّ، أَوْ هُوَ يَعْبُدُ الصَّلِيبَ، أَوْ يَعْبُدُ غَيْرَ اللَّهِ، أَوْ بَرِيءٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ مِنْ الْإِسْلَامِ، أَوْ الْقُرْآنِ، أَوْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ فَعَلَ مُحَرَّمًا) بِلَا نِزَاعٍ (وَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ إنْ فَعَلَ، فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ. سَوَاءٌ كَانَ مُنْجَزًا أَوْ مُعَلَّقًا. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَاخْتِيَارُ جُمْهُورِ

الصفحة 31