كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 11)

وَفِيهِ وَجْهٌ: يَلْزَمُهُ مُوجَبُهَا، نَوَاهَا أَوْ لَمْ يَنْوِهَا. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ. وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي فِي بَعْضِ تَعَالِيقِهِ، وَقَالَ: لِأَنَّ مِنْ أَصْلِنَا وُقُوعَ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ بِالْكِتَابَةِ بِالْخَطِّ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ. نَقَلَهُ فِي الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ. وَإِنْ نَوَاهَا وَجَهِلَهَا: فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ: يَنْعَقِدُ بِمَا فِيهَا إذَا نَوَاهَا جَاهِلًا لَهَا. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. فَوَائِدُ
الْأُولَى: قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَقَدْ تَوَقَّفَ شُيُوخُنَا الْقُدَمَاءُ عَنْ الْجَوَابِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. فَقَالَ ابْنُ بَطَّةَ: كُنْت عِنْدَ الْخِرَقِيِّ، وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَمَّنْ قَالَ " أَيْمَانُ الْبَيْعَةِ تَلْزَمُنِي "؟ فَقَالَ: لَسْت أُفْتِي فِيهَا بِشَيْءٍ، وَلَا رَأَيْت أَحَدًا مِنْ شُيُوخِنَا أَفْتَى فِي هَذِهِ الْيَمِينِ. وَكَانَ أَبِي يَعْنِي الْحُسَيْنَ الْخِرَقِيَّ يَهَابُ الْكَلَامَ فِيهَا. ثُمَّ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ: إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ الْحَالِفُ بِهَا بِجَمِيعِ مَا فِيهَا مِنْ الْأَيْمَانِ. فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ: عَرَفَهَا أَوْ لَمْ يَعْرِفْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. عَرَفَهَا أَوْ لَمْ يَعْرِفْهَا. انْتَهَى. وَقَالَ الْقَاضِي: إذَا قَالَ " أَيْمَانُ الْبَيْعَةِ تَلْزَمُنِي " إنْ لَمْ يَلْزَمْهُ فِي الْأَيْمَانِ الْمُتَرَتِّبَةِ الْمَذْكُورَةِ: كَانَ لَاغِيًا، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَإِنْ نَوَى بِذَلِكَ الْأَيْمَانَ انْعَقَدَتْ

الثَّانِيَةُ: لَوْ قَالَ " أَيْمَانُ الْمُسْلِمِينَ تَلْزَمُنِي إنْ فَعَلْت ذَلِكَ " وَفَعَلَهُ. لَزِمْته يَمِينُ الظِّهَارِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالنَّذْرِ. إذَا نَوَى ذَلِكَ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ.

الصفحة 36