كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 11)

غَيْرِهِ، وَهِيَ فِي مِلْكِهِ، وَأَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً: حُكِمَ لَهُ بِهَا. وَإِنْ شَهِدَتْ أَنَّهُ بَاعَهُ إيَّاهَا، وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ: حُكِمَ لَهُ بِهَا. لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْهَا إلَيْهِ إلَّا وَهِيَ فِي يَدِهِ. وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْمِلْكَ وَلَا التَّسْلِيمَ: لَمْ يُحْكَمْ لَهُ بِهَا. لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَبِيعَهُ مَا لَا يَمْلِكُهُ، فَلَا يُزَالُ بِهِ صَاحِبُ الْيَدِ. فَظَاهِرُ كَلَامِهِ: أَنَّ الشَّهَادَةَ بِالتَّسْلِيمِ كَافِيَةٌ فِي الْحُكْمِ لَهُ بِهَا. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً بِشِرَائِهَا مِنْ زَيْدٍ بِكَذَا، وَقَبِلَ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ. وَهِيَ فِي مِلْكِهِ، بَلْ تَحْتَ يَدِهِ وَقْتَ الْبَيْعِ. فَظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ: اشْتِرَاطُ الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُقْنِعِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ الْكَافِي. وَاعْلَمْ أَنَّ فَرْضَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ فِي يَدِ غَيْرِ الْبَائِعِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْكَافِي، وَغَيْرِهِ.
تَنْبِيهَاتٌ
أَحَدُهَا: قَوْلُهُ (فَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ، وَهِيَ فِي مِلْكِهِ، وَادَّعَى الْآخَرُ: أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ عَمْرٍو، وَهِيَ فِي مِلْكِهِ، وَأَقَامَا بِذَلِكَ: بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا) . مُرَادُهُ: إذَا لَمْ يُؤَرِّخَا. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ فَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا: انْبَنَى ذَلِكَ عَلَى بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ. عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
الثَّانِي: قَوْلُهُ (وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً: أَنَّهَا مِلْكُهُ، وَأَقَامَ الْآخَرُ

الصفحة 392