كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 11)

وَالْوَجْهَانِ الْأَخِيرَانِ مُخْرَجَانِ مِنْ مَسْأَلَةٍ: مَنْ فِي يَدِهِ شَيْءٌ مُعْتَرَفٌ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ، وَلَا يُعْرَفُ مَالِكُهُ، فَادَّعَاهُ مُعَيَّنٌ. فَهَلْ يُدْفَعُ إلَيْهِ، أَمْ لَا؟ وَهَلْ يُقِرُّ فِي يَدِ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ، أَمْ يَنْتَزِعُهُ الْحَاكِمُ؟ فِيهِ خِلَافٌ. انْتَهَى. وَإِنْ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ " وَإِنْ ادَّعَاهَا صَاحِبُ الْيَدِ لِنَفْسِهِ " فَقَالَ الْقَاضِي: يَحْلِفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَهِيَ لَهُ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَلْ يُقْرَعُ بَيْنَ الْمُدَّعِينَ. فَتَكُونُ لِمَنْ تَخْرُجُ لَهُ الْقُرْعَةُ. قَالَ الشَّارِحُ: يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ إذَا تَعَارَضَتَا لَا تَسْقُطَانِ، فَرَجَحَتْ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ بِالْقُرْعَةِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: إنْ نَكَلَ: أَخَذَهَا مِنْهُ وَبَدَّلَهَا، وَاقْتَرَعَا عَلَيْهَا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِي، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَقْتَسِمَاهَا كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِهَا لَهُمَا وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ. قَالَ فِي الْوَجِيزِ: وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَ لَهُمَا الْعَيْنُ أَوْ عِوَضُهَا. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَدْ يُقَالُ: تُجْزِئُ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ. وَيُقَالُ: إنَّمَا تَجِبُ الْعَيْنُ يَقْتَرِعَانِ عَلَيْهَا. وَيُقَالُ: إذَا اقْتَرَعَا عَلَى الْعَيْنِ، فَمَنْ قَرَعَ: فَلِلْآخَرِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِهَا. وَيُقَالُ: إنَّ الْقَارِعَ هُنَا يَحْلِفُ ثُمَّ يَأْخُذُهَا. لِأَنَّ النُّكُولَ غَايَتُهُ أَنَّهُ بَذْلٌ. وَالْمَطْلُوبُ لَيْسَ لَهُ هُنَا بَذْلُ الْعَيْنِ. فَيُجْعَلُ كَالْمُقِرِّ. فَيَحْلِفُ الْمُقِرُّ لَهُ. وَإِنْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِمَا فَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهُ مُسْتَوْفٍ فِي أَثْنَاءِ " بَابِ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ "

الصفحة 396