كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 11)

وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَقَالَ فِي الْوَاضِحِ عَلَى رِوَايَةٍ حِنْثُهُ بِعَزْمِهِ عَلَى مُخَالَفَةِ يَمِينِهِ بِنِيَّتِهِ: لَا يَجُوزُ. بَلْ لَا يَصِحُّ. وَفِيهِ رِوَايَةٌ: لَا يَجُوزُ التَّكْفِيرُ قَبْلَ الْحِنْثِ بِالصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ تَقْدِيمُ عِبَادَةٍ كَالصَّلَاةِ. وَاخْتَارَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كَحِنْثٍ مُحَرَّمٍ فِي وَجْهٍ. وَأَمَّا الظِّهَارُ وَمَا فِي حُكْمِهِ: فَلَا يَجُوزُ لَهُ فِعْلُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ الْكَفَّارَةِ، عَلَى مَا مَضَى فِي بَابِهِ. فَوَائِدُ
إحْدَاهَا: حَيْثُ قُلْنَا بِالْجَوَازِ: فَالتَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ سَوَاءٌ فِي الْفَضِيلَةِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ وَغَيْرِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ. اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ. وَعَنْهُ: التَّكْفِيرُ بَعْدَ الْحِنْثِ أَفْضَلُ. وَقَالَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ. وَعُورِضَ بِتَعْجِيلِ النَّفْعِ لِلْفُقَرَاءِ. وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ: قَبْلَهُ أَفْضَلُ. وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: تَقَدُّمُ الْكَفَّارَةِ وَاجِبَةٌ. فَلَهُ أَنْ يُقَدِّمَهَا قَبْلَ الْحِنْثِ. لَا تَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ الزَّكَاةِ. الثَّانِيَةُ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّ التَّخْيِيرَ جَارٍ، إنْ كَانَ الْحِنْثُ حَرَامًا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَكَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ.

الصفحة 43