كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 11)

قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: فَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا. فَتَارَةً غَلَّبُوا الِاسْمَ. وَتَارَةً غَلَّبُوا الْعُرْفَ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَذَكَرَ يُوسُفُ بْنُ الْجَوْزِيِّ النِّيَّةَ، ثُمَّ السَّبَبَ، ثُمَّ مُقْتَضَى لَفْظِهِ عُرْفًا، ثُمَّ لُغَةً. انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ: النِّيَّةُ، ثُمَّ السَّبَبُ، ثُمَّ التَّعْيِينُ، ثُمَّ إلَى مَا يَتَنَاوَلُهُ الِاسْمُ. وَإِنْ كَانَ لِلَّفْظِ عُرْفٌ غَالِبٌ، حُمِلَ كَلَامُ الْحَالِفِ عَلَيْهِ

قَوْلُهُ (فَإِذَا حَلَفَ " لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ هَذِهِ " فَدَخَلَهَا. وَقَدْ صَارَتْ فَضَاءً، أَوْ حَمَّامًا، أَوْ مَسْجِدًا، أَوْ بَاعَهَا. أَوْ " لَا لَبِسْت هَذَا الْقَمِيصَ فَجَعَلَهُ سَرَاوِيلَ، أَوْ رِدَاءً، أَوْ عِمَامَةً وَلَبِسَهُ. أَوْ " لَا كَلَّمْت هَذَا الصَّبِيَّ " فَصَارَ شَيْخًا، أَوْ " امْرَأَةَ فُلَانٍ " أَوْ " صَدِيقَهُ فُلَانًا " أَوْ " غُلَامَهُ سَعْدًا " فَطَلُقَتْ الزَّوْجَةُ، وَزَالَتْ الصَّدَاقَةُ، وَعَتَقَ الْعَبْدُ، وَكَلَّمَهُمْ. أَوْ " لَا أَكَلْت لَحْمَ هَذَا الْحَمَلِ " فَصَارَ كَبْشًا، أَوْ " لَا أَكَلْت هَذَا الرُّطَبَ " فَصَارَ تَمْرًا أَوْ دِبْسًا) نَصَّ عَلَيْهِ (أَوْ خَلًّا أَوْ " لَا أَكَلْت هَذَا اللَّبَنَ " فَتَغَيَّرَ، أَوْ عُمِلَ مِنْهُ شَيْءٌ فَأَكَلَهُ: حَنِثَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: اخْتَارَهُ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ. مِنْهُمْ ابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ. قَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ. وَهُوَ أَصَحُّ قَالَ فِي الْفُرُوعِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ وَغَيْرَهُ: إذَا فَعَلَ ذَلِكَ، وَلَا نِيَّةَ وَلَا سَبَبَ: حَنِثَ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَغَيْرِهِمْ.

الصفحة 59