كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 11)

وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَحْنَثَ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ. وَاخْتَارَ الْقَاضِي، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ " لَا أَكَلْت هَذِهِ الْبَيْضَةَ " فَصَارَتْ فَرْخًا، أَوْ " لَا أَكَلْت هَذِهِ الْحِنْطَةَ " فَصَارَتْ زَرْعًا، فَأَكَلَهُ: أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ. قَالَا: وَعَلَى قِيَاسِهِ لَوْ حَلَفَ " لَا شَرِبْت هَذَا الْخَمْرَ " فَصَارَ خَلًّا. فَاسْتَثْنَوْا هَذِهِ الْمَسَائِلَ مِنْ أَصْلِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَعَنْ ابْنِ عَقِيلٍ: أَنَّهُ طَرَدَ الْقَوْلَ حَتَّى فِي الْبَيْضَةِ وَالزَّرْعِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَعَلَّهُ أَظْهَرُ. قُلْت: وَهُوَ الْمَذْهَبُ كَمَا تَقَدَّمَ.
فَائِدَةٌ: لَوْ حَلَفَ " لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ " وَلَمْ يَقُلْ " هَذِهِ " أَوْ " لَا أَكَلْت التَّمْرَ الْحَدِيثَ " فَعَتَقَ، أَوْ " الرَّجُلَ الصَّحِيحَ " فَمَرِضَ، أَوْ " لَا دَخَلْت هَذِهِ السَّفِينَةَ " فَنُقِضَتْ ثُمَّ أُعِيدَتْ فَفَعَلَ: حَنِثَ بِلَا نِزَاعٍ فِي ذَلِكَ، إلَّا أَنَّ فِي السَّفِينَةِ احْتِمَالًا بِعَدَمِ الْحِنْثِ. وَقَوْلُهُ (فَإِنْ عُدِمَ ذَلِكَ) يَعْنِي: النِّيَّةَ، وَسَبَبُ الْيَمِينِ، وَمَا هَيَّجَهَا وَالتَّعْيِينُ (رَجَعْنَا إلَى مَا يَتَنَاوَلُهُ الِاسْمُ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالْوَجِيزِ، وَمُنْتَخَبِ الَأَدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ. وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِي، وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ: يُقَدَّمُ مَا يَتَنَاوَلُهُ الِاسْمُ عَلَى التَّعْيِينِ، وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ.

الصفحة 60