كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 11)

وَقَالَ الْقَاضِي: يَحْنَثُ بِأَكْلِ الشَّحْمِ الَّذِي عَلَى الظَّهْرِ وَالْجَنْبِ. وَفِي تَضَاعِيفِ اللَّحْمِ، وَهُوَ لَحْمٌ. وَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ مَنْ حَلَفَ " لَا يَأْكُلُ شَحْمًا " عَلَى مَا يَأْتِي. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ الْكُلْيَةَ، وَالْكَارِعَ. فَلَا يَحْنَثُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ اجْتِنَابَ الدَّسَمِ. فَإِذَا نَوَى ذَلِكَ حَنِثَ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ: أَنَّهُ لَوْ أَكَلَ لَحْمَ الرَّأْسِ، أَوْ لَحْمًا لَا يُؤْكَلُ: أَنَّهُ يَحْنَثُ. وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالنَّظْمِ. قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَحْنَثُ بِأَكْلِ لَحْمِ الْخَدِّ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ مُنَاقِضٌ لِاخْتِيَارِهِ فِي الْهِدَايَةِ. فِيمَا إذَا حَلَفَ " لَا يَأْكُلُ رَأْسًا " لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِأَكْلِ رَأْسٍ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَكْلِهِ مُنْفَرِدًا. فَغَلَّبَ الْعُرْفَ. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: يَحْنَثُ بِأَكْلِ لَحْمِ الرَّأْسِ فِي الْأَصَحِّ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِي فِي أَكْلِ لَحْمٍ لَا يُؤْكَلُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ: أَنَّهُ يَحْنَثُ بِأَكْلِ كُلِّ لَحْمٍ. فَتَدْخُلُ اللُّحُومُ الْمُحَرَّمَةُ، كَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَنَحْوِهِ. وَهُوَ أَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ. وَبِهِ قَطَعَ أَبُو مُحَمَّدٍ. انْتَهَى. وَجَزَمَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ: أَنَّهُ يَحْنَثُ بِلَحْمِ الرَّأْسِ وَبِلَحْمِ غَيْرِ مَأْكُولٍ. قَالَ فِي الْمُذْهَبِ: حَنِثَ بِأَكْلِ الرَّأْسِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَنْوِيَهُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَاخْتِيَارُ الْقَاضِي: أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ خَدِّ الرَّأْسِ. وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ أَبِي مُوسَى فِي ذَلِكَ كُلِّهِ.

الصفحة 69