كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 11)

قُلْت: الصَّوَابُ عَدَمُ الْحِنْثِ: وَقَدَّمَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ الْحِنْثَ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ حَلَفَ " لَا يُكَلِّمُ إنْسَانًا " حَنِثَ بِكَلَامِ كُلِّ إنْسَانٍ) بِلَا نِزَاعٍ أَعْلَمُهُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. وَلَوْ صَلَّى بِهِ إمَامًا، ثُمَّ سَلَّمَ مِنْ الصَّلَاةِ: لَمْ يَحْنَثْ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَإِنْ اُرْتُجَّ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ، فَفَتَحَ عَلَيْهِ الْحَالِفُ: لَمْ يَحْنَثْ بِذَلِكَ.
فَائِدَةٌ: لَوْ كَاتَبَهُ، أَوْ أَرْسَلَ إلَيْهِ رَسُولًا: حَنِثَ. إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنْ لَا يُشَافِهَهُ. وَرَوَى الْأَثْرَمُ عَنْهُ: مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِالْمُكَاتَبَةِ، إلَّا أَنْ تَكُونَ نِيَّتُهُ أَوْ سَبَبُ يَمِينِهِ يَقْتَضِي هِجْرَانَهُ وَتَرْكَ صِلَتِهِ. وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. وَالْأَوَّلُ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَإِنْ أَشَارَ إلَيْهِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَحْنَثُ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي.
وَالثَّانِي: لَا يَحْنَثُ. اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ. وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمُصَنِّفِ، وَالشَّارِحِ. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ. فَإِنْ نَادَاهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُ، فَلَمْ يَسْمَعْ لِتَشَاغُلِهِ وَغَفْلَتِهِ: حَنِثَ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَإِنْ سَلَّمَ عَلَى الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ: حَنِثَ. وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالْكَلَامِ فَلْيُعَاوَدْ.

الصفحة 82