كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 11)

وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ. قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْحَادِيَةِ وَالْعِشْرِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ، قَالَ الْأَصْحَابُ: يَحْنَثُ. وَعَنْهُ: لَا يَحْنَثُ إلَّا بِالنَّقْدِ. وَعَنْهُ: إذَا نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِجَمِيعِ مَالِهِ: إنَّمَا يَتَنَاوَلُ نَذْرُهُ الصَّامِتَ مِنْ مَالِهِ. ذَكَرَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى. قَالَ فِي الْوَاضِحِ: الْمَالُ مَا تَنَاوَلَهُ النَّاسُ عَادَةً بِعَقْدٍ شَرْعِيٍّ لِطَلَبِ الرِّبْحِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْمَيْلِ مِنْ يَدٍ إلَى يَدٍ، وَمِنْ جَانِبٍ إلَى جَانِبٍ. قَالَ: وَالْمِلْكُ يَخْتَصُّ الْأَعْيَانَ مِنْ الْأَمْوَالِ. وَلَا يَعُمُّ الدَّيْنَ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَا يَحْنَثُ بِاسْتِئْجَارِهِ عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ. وَفِي مَغْصُوبٍ عَاجِزٍ عَنْهُ وَضَائِعٍ أَيِسَ مِنْهُ: وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ مَغْصُوبٌ: حَنِثَ. وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ ضَائِعٌ: فَفِيهِ وَجْهَانِ، الْحِنْثُ وَعَدَمُهُ. فَإِنْ ضَاعَ عَلَى وَجْهٍ قَدْ أَيِسَ مِنْ عَوْدِهِ، كَاَلَّذِي سَقَطَ فِي بَحْرٍ: لَمْ يَحْنَثْ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَحْنَثَ فِي كُلِّ مَوْضُوعٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِ مَالِهِ، كَالْمَجْحُودِ وَالْمَغْصُوبِ، وَالدَّيْنِ الَّذِي عَلَى غَيْرِ مَلِيءٍ. انْتَهَيَا.
فَائِدَةٌ: لَوْ تَزَوَّجَ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ مَا تَمَلَّكَهُ لَيْسَ بِمَالٍ. وَكَذَلِكَ إنْ وَجَبَ لَهُ حَقُّ شُفْعَةٍ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ حَلَفَ " لَا يَفْعَلُ شَيْئًا " فَوَكَّلَ مَنْ يَفْعَلُهُ: حَنِثَ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ) . هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ.

الصفحة 89