كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 11)

وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ. وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَذْهَبِ: وَجْهَيْنِ فِي حِنْثِهِ.
تَنْبِيهٌ:
ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْصِدْ تَنْبِيهَهُ أَعْنِي إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ الْقُرْآنَ يَحْنَثُ. وَهُوَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ. وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ. مِنْهُمْ: الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ.
فَائِدَةٌ: حَقِيقَةُ الذِّكْرِ: مَا نَطَقَ بِهِ. فَتُحْمَلُ يَمِينُهُ عَلَيْهِ. ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الْكَلَامُ يَتَضَمَّنُ فِعْلًا، كَالْحَرَكَةِ. وَيَتَضَمَّنُ مَا يَقْتَرِنُ بِالْفِعْلِ مِنْ الْحُرُوفِ وَالْمَعَانِي. فَلِهَذَا يُجْعَلُ الْقَوْلُ قَسِيمًا لِلْفِعْلِ تَارَةً، وَقِسْمًا مِنْهُ تَارَةً أُخْرَى. وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ: مَنْ حَلَفَ " لَا يَعْمَلُ عَمَلًا " فَقَالَ قَوْلًا، كَالْقِرَاءَةِ وَنَحْوِهَا. هَلْ يَحْنَثُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَغَيْرِهِ. قَالَ ابْنُ أَبِي الْمَجْدِ فِي مُصَنَّفِهِ: لَوْ حَلَفَ لَا يَعْمَلُ عَمَلًا، فَتَكَلَّمَ: حَنِثَ، وَقِيلَ: لَا. وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ فِي الْمَشْيِ فِي صَلَاتِهِ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ «افْعَلْ ذَلِكَ» يَرْجِعُ إلَى الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ فِعْلٌ فِي الْحَقِيقَةِ. وَلَيْسَ إذَا كَانَ لَهَا اسْمٌ أَخَصُّ بِهِ مِنْ الْفِعْلِ يَمْتَنِعُ أَنْ تُسَمَّى فِعْلًا. قَالَ أَبُو الْوَفَاءِ: وَإِنْ حَلَفَ " لَا يَسْمَعُ كَلَامَ اللَّهِ " فَقَرَأَ الْقُرْآنَ: حَنِثَ إجْمَاعًا.

قَوْلُهُ (وَإِنْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّهُ مِائَةَ سَوْطٍ. فَجَمَعَهَا فَضَرَبَهُ بِهَا ضَرْبَةً وَاحِدَةً: لَمْ يَبَرَّ فِي يَمِينِهِ) .

الصفحة 94