كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 11)

وَلَعَلَّ كَلَامَ الْأَصْحَابِ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ طَعْمُهُ. كَمَا صَرَّحُوا بِهِ هُنَا. أَوْ يُقَالُ: الزُّبْدُ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ اللَّبَنِ مُسْتَهْلَكًا. وَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ الصُّورَةَ فِي الْوَجِيزِ هُنَا. وَلَا جَمَاعَةٌ غَيْرُهُ. وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: وَعَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي حِنْثِهِ بِزُبْدٍ وَأَقِطٍ وَجُبْنٍ: رِوَايَتَانِ. وَأَمَّا إذَا ظَهَرَ طَعْمُهُ فِيهِ، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ. وَمِنْهَا: لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سَمْنًا. فَأَكَلَ خَبِيصًا فِيهِ سَمْنٌ لَا يَظْهَرُ فِيهِ طَعْمُهُ: لَمْ يَحْنَثْ. وَإِنْ ظَهَرَ فِيهِ طَعْمُهُ: حَنِثَ بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ. وَمِنْهَا: لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ بَيْضًا. فَأَكَلَ نَاطِفًا: لَمْ يَحْنَثْ. قَوْلًا وَاحِدًا. وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالْعِشْرِينَ: لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ شَيْئًا. فَاسْتَهْلَكَ فِي غَيْرِهِ ثُمَّ أَكَلَهُ. قَالَ الْأَصْحَابُ: لَا يَحْنَثُ. وَلَمْ يُخَرِّجُوا فِيهِ خِلَافًا. وَقَدْ يُخَرَّجُ فِيهِ وَجْهٌ بِالْحِنْثِ. وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ أَبُو الْخَطَّابِ. وَمِنْهَا: لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ شَحْمًا. فَأَكَلَ اللَّحْمَ الْأَحْمَرَ: لَمْ يَحْنَثْ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ اللَّحْمِ الْأَحْمَرِ. عَلَى الْأَصَحِّ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَهُوَ الصَّحِيحُ. قَالَ الشَّارِحُ: وَهُوَ قَوْلُ غَيْرِ الْخِرَقِيِّ مِنْ أَصْحَابِنَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَالَ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ: لَا يَحْنَثُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ: وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ.

الصفحة 96