كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (اسم الجزء: 11)

قُلْت: قَطَعَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ: أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ إذَا أَكَلَ ذَلِكَ غَيْرَ مَطْحُونٍ. وَيَحْنَثُ إذَا أَكَلَهُ دَقِيقًا أَوْ سَوِيقًا. فَقَالَ: لَوْ " حَلَفَ لَا آكُلُ شَعِيرًا " فَأَكَلَ حِنْطَةً فِيهَا حَبَّاتُ شَعِيرٍ: لَمْ يَحْنَثْ بَلْ بِدَقِيقِهِ وَسَوِيقِهِ وَشُرْبِهِمَا، أَوْ بِالْعَكْسِ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ حَلَفَ " لَا يَأْكُلُ سَوِيقًا " فَشَرِبَهُ، أَوْ " لَا يَشْرَبُهُ " فَأَكَلَهُ، فَقَالَ الْخِرَقِيُّ: يَحْنَثُ) . وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: حَنِثَ فِي الْأَصَحِّ. وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا، فِيمَنْ حَلَفَ " لَا يَشْرَبُ نَبِيذًا " فَثَرَدَ فِيهِ فَأَكَلَهُ: لَا يَحْنَثُ. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِ: رَوَى مُهَنَّا لَا يَحْنَثُ. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ. وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفُرُوعِ. قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ، وَالْمُصَنِّفُ هُنَا: فَيَخْرُجُ فِي كُلِّ مَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُهُ، فَشَرِبَهُ. أَوْ لَا يَشْرَبُهُ، فَأَكَلَهُ: وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمَذْهَبِ. وَقَالَ الْقَاضِي: إنْ عَيَّنَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ: يَحْنَثُ. وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ: لَمْ يَحْنَثْ. قَالَهُ فِي الْمُجَرَّدِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَأَطْلَقَهُنَّ الزَّرْكَشِيُّ، وَالْمُحَرَّرُ، وَالْحَاوِي وَقَالَ الْقَاضِي فِي " كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ " مَحَلُّ الْخِلَافِ: مَعَ التَّعْيِينِ. أَمَّا مَعَ عَدَمِهِ: فَلَا يَحْنَثُ قَوْلًا وَاحِدًا.

الصفحة 98