كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)
قوله: "قصبه" بضم القاف وسكون الصاد، أي أمعاءه.
وفي رواية عائشة: ثم قال: "يا أمة محمد، والله ما من أحد أغير من الله أن
__________
إبراهيم" فنصب الأوثان وبحر البحيرة وأخواتها المذكورة في الآية "ورأى فيها سارق" متاع "الحاج يعذب" كما في حديث جابر عند مسلم: "ما من شيء توعدونه إلا قد رأيته في صلاتي هذه، لقد جيء بالنار، وذلك حين رأيتموني تأخرت مخافة أن يصيبني من لفحها، وحتى رأيت فيها صاحب المحجن يجر قصبه في النار، كان يسرق الحاج بمحجنه، فإذا فطن له قال: إنما تعلق بمحجني، وإن غفل عنه ذهب به".
"قوله: قصبه بضم القاف وسكون الصاد" المهملة "أي: أمعاءه" جمع معي، وهي المصارين.
"وفي رواية عائشة" في الموطأ والصحيحين من طريقه: "خسفت الشمس، فصلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم، فذكرت الحديث في صلاة الخسوف، وفيه: ثم انصرف وقد تجلت الشمس، فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعو الله وكبروا وتصدقوا" ثم قال: "يا أمة محمد" فيه معنى الإشفاق كما يخاطب الواحد ولده إذا أشفق عليه: يا بني، وكان قضية ذلك أن يقول: يا أمتي، لكنه أظهر لحكمة لعلها أن المقام مقام تحذير وتخويف لما في الإضافة إلى المضمر من الإشعار بالكريم، ومثله: "يا فاطمة بنت محمد" إلى أن قال: "لا أغني عنكم من الله شيئا" "والله" أتى باليمين لإرادة تأكيد الخبر وإن كان لا ريب فيه "ما من أحد أغير" بالنصب خبر ومن زائدة، ويجوز الرفع على لغة تميم، أو هو بالخفض بالفتحة صفة لأحد والخبر محذوف، أي: موجودا غير "من الله" أفعل تفضيل من الغيرة بفتح المعجمة، وهي لغة ما يحصل من الخمسة ما لا ثقة وأصله في الزوجين والأهلين، وذلك على الله محال؛ لأنه منزه عن كل تغير ونقص، فتعين حمله على المجاز، فثبل: لما كانت ثمرة الغيرة صون الحريم ومنعهم وزجر من يقصد إليهم، أطلق عليه ذلك؛ لأنه منع من فعل ذلك وزجر فاعله وتوعد عليه، فهو من تسمية الشيء بما يترتب عليه.
وقال ابن فورك: المعنى ما أحد أكثر زجرا عن الفواحش من الله، وقال غيره: غيرة الله ما يغير حال العاصي بانتقامه منه في الدنيا والآخرة أو في إحداهما.
وقال ابن دقيق العيد: أهل التنزيه في مثل هذا على قولين إما ساكت وإما مؤول بأن المراد بالغيرة شدة المنع والحماية فهو من مجاز الملازمة.
وقال الطيبي وغيره: وجه اتصال هذه بقوله: فاذكروا الله.. إلخ، من جهة أنهم لما أمروا باستدفاع البلاء بالذكر والصلاة والصدقة ناسب ردعهم عن المعاصي التي هي من أسباب جلب البلاء، وخص منه الزنا؛ لأنه أعظمها في ذلك، وقيل: لما كان من أقبح المعاصي وأشدها تأثيرا