كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)

"الدجال، من تبعه لم ينفعه صالح من عمله".
وفي البخاري: قالت عائشة وأسماء: خطب النبي -صلى الله عليه وسلم.
وقد اختلف في الخطبة فيه، فاستحبها الشافعي وإسحاق وأكثر أهل الحديث.
وقال ابن قدامة: لم يبلغنا عن أحمد ذلك.
وقال صاحب الهداية من الحنفية: ليس في الكسوف خطبة؛ لأنه لم ينقل.
وتعقب بأن الأحاديث ثبتت فيه، وهي ذات كثرة.
والمشهور عند المالكية أنه لا خطبة لها، مع أن مالكا روى الحديث وفيه ذكر الخطبة، وأجاب بعضهم بأنه -صلى الله عليه وسلم- لم يقصد بها الخطبة بخصوصها، وإنما أراد
__________
المراد من قامت له شوكة، كمسيلمة والأسود "آخرهم الأعور" عينه اليمنى، وروي اليسرى، وجمع بأن إحداهما مطموسة والأخرى معيبة والعور العيب "الدجال" الذي يزعم الإلاهية "من تبعه لم ينفعه صالح من عمله"؛ لأنه كفر.
"وفي البخاري" تعليقا "قالت عائشة وأسماء" بنتا الصديق: "خطب النبي -صلى الله عليه وسلم" في الكسوف، أما حديث عائشة فرواه البخاري ومسلم عنهما بلفظ: ثم انصرف وقد تجلت الشمس فخطب الناس، وأما حديث أسماء فأخرجاه عنها بلفظ: فانصرف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد تجلت الشمس، فخطب فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "أما بعد".
"وقد اختلف في الخطبة فيه، فاستحبها الشافعي وإسحاق" ابن راهوية "وأكثر أهل الحديث. وقال ابن قدامة: لم يبلغنا عن أحمد" بن حنبل "ذلك" أي استحبابها.
"وقال صاحب الهداية من الحنفية ليس في الكسوف خطبة؛ لأنه" أي: المذكور "لم ينقل، وتعقب بأن الأحاديث ثبتت فيه وهي ذات كثرة، والمشهور عند المالكية أن لا خطبة لها مع أن مالكا" في الموطأ "روى الحديث" أي: حديث عائشة "وفيه ذكر الخطبة؛" لأنه حملها على الوعظ، فقال: يستحب الوعظ بعد الصلاة.
قال العلامة بهرام: وإنما لم نقل بالخطبة، وإن سمت عائشة ما ذكره -صلى الله عليه وسلم- خطبة؛ لأن جماعة من الصحابة منه علي وابن عباس وجابر وأبو هريرة نقلوا صفة صلاة الكسوف، ولم يقل أحد منهم أنه خطب فيها، ولا يجوز أنه خطب، وأغفلوه مع نقل كل واحد ما يتعلق بتلك الحال، فوجب حمل تسمية عائشة خطبة على معنى أنه أتى بكلام منظوم فيه حمد وصلاة وموعظة على سبيل ما يأتي في الخطبة. انتهى.
"وأجاب بعضهم بأنه صلى الله عليه وسلم لم يقصد بها الخطبة بخصوصها، وإنما أراد أن يبين لهم

الصفحة 106