كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)

نسيان الراوي، وبعضها كان للخطبة للجمعة، وتعقبه صلاة الجمعة فاكتفي بها، ولو لم يصل أصلا كان بيانا لجواز الاستسقاء بالدعاء بلا صلاة، ولا خلاف في جوازه، وتكون الأحاديث المثبتة للصلاة مقدمة؛ لأن فيها زيادة علم، ولا معارضة بينهما.
والاستسقاء أنواع:
الأول: الاستسقاء بصلاة ركعتين وخطبتين، وبتأهب قبله بصدقة وصيام وتوبة، وإقبال على الخير ومجانبة الشر ونحو ذلك من طاعة الله تعالى.
قال ابن عباس: خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الاستسقاء متبذلا متواضعا متخشعا متضرعا حتى أتى المصلى، فرقى المنبر، فلم يخطب خطبتكم هذه ولكن لم يزل
__________
وبعضها كان للخطبة للجمعة، وتعقبه صلاة الجمعة، فاكتفى بها" كما اكتفى بخطبة الجمعة عن خطبة الاستسقاء "ولو لم يصل أصلا كان بيانا لجواز الاستسقاء بالدعاء بلا صلاة ولا خلافه في جوازه، وتكون الأحاديث المثبتة للصلاة مقدمة؛ لأن فيها زيادة علم" من راويها على من لم يروها "ولا معارضة بينهما" أي: بين الأحاديث التي لا صلاة فيها وبين التي فيها الصلاة "والاستسقاء أنواع" خمسة على ما عد.
"الأول: الاستسقاء بصلاة ركعتين وخطبتين" كالعيد "وبتأهب" استعداد "قبله بصدقة وصيام" استحبابا، ولا يأمر بهما الإمام "وتوبة" ويأمر بها "وإقبال على الخير ومجانبة الشر ونحو ذلك من طاعة الله تعالى" رجاء الإجابة، فمبني الاستسقاء الاستغفار والتوجه إلى الله بجوامع الهمة، شكا رجل إلى الحسن البصري الجدب، فقال: استغفر الله، وآخر الفقر وآخر قلة النسل وآخر قلة ريع أرضه، فأمرهم كلهم بالاستغفار، فقال له الربيع بن صبيح: أتاك رجال يشكون أبوابا، فأمرتهم كلهم بالاستغفار، فتلا قوله تعالى: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا، يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا، وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [هود: 52] .
"قال ابن عباس: خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الاستسقاء مبتذلا" أي: لابسا ثوب البذلة بالكسر، وهو الثوب الخلق وما لا يصان من الثياب "متواضعا" زيادة على عادته "متخشعا متضرعا".
قال القاموس: تخشع تضرع وهو الخضوع والذلة والاستكانة، والخشوع الخضوع أو قريب منه، أو هو في البدن، والخشوع في البصر والصوت والسكون والتذلل.
"حتى أتى المصلى" المكان المعروف بالمدينة "فرقي" بكسر القاف وقد تفتح، أي:

الصفحة 113